للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عثمانَ بن أبي العاص: «أنَّ وفد ثَقِيفٍ قَدِموا على النَّبيِّ ، فأنزلهم المسجدَ قبل إسلامهم» (١)؛ ليكون أرقَّ لقلوبهم، وكاستئجاره لبنائه، ولا سيما لمصلحة.

وظاهر كلام القاضي: يجوز؛ ليسمعوا الذِّكر، فتَرِقَّ قلوبُهم، ويُرْجَى إسلامُهم.

وقال أبو المعالي: إن شُرط المنْع في عقد ذِمَّتهم مُنِعوا.

وإن كان جنبًا؛ فوجهان.

فلو قصدوها بأكل ونومٍ؛ مُنِعوا، ذكره في «الأحكام السلطانية».

وقد روي ما يدلُّ على التَّفرقة بين الكتابيِّ وغيره.

تذنيبٌ: تجوز (٢) عمارةُ كلِّ مسجدٍ، وكسوته، وإشعاله بمال كلِّ كافرٍ، وأن يبنيَه بيده، ذكره في «الرعاية» وغيرها، وهو ظاهر كلامهم في وقفه عليه ووصيته (٣) له.

فيكون على هذا: العمارة في الآية: دخوله وجلوسه فيه، يدلُّ عليه خبر أبي سعيدٍ مرفوعًا: «إذا رأيتم الرَّجل يعتاد المسجد؛ فاشهدوا له بالإيمان، فإن الله يقول: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ … ﴾ اللآية [التّوبَة: ١٨]» رواه أحمد وغيرُه (٤).


(١) أخرجه أحمد (١٧٩١٣)، وأبو داود (٣٠٢٦)، والطيالسي (٩٨١)، وابن الجارود (٣٧٣)، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص ، ورجاله ثقات، إلاَّ أنَّ في سماع الحسن من عثمان بن أبي العاص خلافًا، وقد أثبته ابن معين وابن المديني وأحمد والبزار، ونفاه الحاكم، والحسن مدلِّس كثير الإرسال، وقد عنعن، والحديث أخرجه أبو داود في المراسيل (١٧)، عن الحسن مرسلاً، وضعفه مرفوعًا الإشبيلي والألباني. ينظر: تخريج أحاديث الكشاف ٤/ ١٣٩، ضعيف سنن أبي داود ٣/ ٤٣٦، التابعون الثقات للهاجري ١/ ٢٧٨.
(٢) في (ح): يجوز.
(٣) في (ح): وصفته.
(٤) أخرجه أحمد (١١٦٥١)، والترمذي (٣٠٩٣)، والدارمي (١٢٥٩)، وابن خزيمة (١٥٠٢)، وابن حبان (١٧٢١)، والحاكم (٧٧٠)، من طريق درَّاج أبي السمح عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري به، ودرَّاج بن سمعان، أبو السمح المصري، ضعّفه كثير من الأئمَّة، وأحاديثُه عن أبي الهيثم عَنْ أبي سَعِيد الخدريِّ خاصَّةً فيها ضعف كما قاله أحمد وأبو داود، والحديث حسَّنه الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم، وتعقَّبه الذهبي، فقال: (درَّاج كثير المناكير)، وضعفه الألباني، وعدَّه ابن عدي من مناكير درَّاج، ومما لا يُتابع عليه. ينظر: الكامل لابن عدي ٤/ ١٥، تهذيب الكمال ٨/ ٤٧٧، تمام المنة ص ٢٩١.