للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لأنَّه طاهر (١) منتفَعٌ (٢) به؛ كلبن الشَّاة، ولأنَّه يجوز أخذ العِوَض عنه في إجارة الظِّئْر، أشبه المنافِعَ.

والثَّاني: لا يجوز، قدَّمه في «المحرَّر»؛ لأنَّه مائِعٌ خرَج من آدميةٍ كالعرق، أو لأنَّه من الآدَمِيِّ، فلم يجز بيعه كسائر أجزائه.

وجوابه: أنَّ العرق لا نفع فيه، بدليل أنَّه لا يُباع عرقُ الشَّاة ويباع لبنُها، وحرم بيع العضوِ المقطوع؛ لأنَّه لا نفع فيه.

وقيل: يجوز (٣) من الأمة؛ لأنَّ بيعها جائز، فكذا لبنها؛ كسائر أجزائها، دون الحرَّة.

لكن قال أحمد: (أكره للمرأة بيع لبنها) (٤)، واحتج ابن شهاب وغيره: «بأنَّ الصحابة قضوا فيمن غُرَّ بأمَةٍ بضمان الأولاد» (٥)،


(١) في (ح): ظاهر.
(٢) في (ق): ينتفع.
(٣) في (ح): لا يجوز.
(٤) ينظر: الفروع ٦/ ١٣٤.
(٥) ورد عن عمر : أخرجه ابن أبي شيبة (٢١٠٦٠)، وأبو عبيد في الغريب (٤/ ٢٣٨)، وسعيد بن منصور كما في المحلى (٦/ ٤٣٤)، عن سليمان بن يسار: «أن أمة أتت قومًا فغرَّتهم وزعمت أنها حرة، فتزوجها رجل، فولدت منه أولادًا فوجدوها أمة، فقضى عمرُ بقيمة أولادها، في كل مغرور غُرة»، وفي لفظ: «قضى عمر في أولاد الغارة بالقيمة»، سليمان بن يسار لم يسمع من عمر. وأخرج البيهقي في الكبرى (١١٥٤٧)، عن الحسن، عنه نحوه، وهذا مرسل أيضًا. وأخرج مالك (٢/ ٧٤١)، ومن طريقه الشافعي في الملحق بالأم (٧/ ٢٤٥)، والبيهقي في الكبرى (١٤٢٥٤)، أنه بلغه: «أن عمر بن الخطاب أو عثمان بن عفان؛ قضى أحدهما في امرأة غرَّت رجلاً بنفسها، وذكرت أنها حرة فتزوجها، فولدت له أولادًا، فقضى أن يفدي ولده بمثلهم»، وأخرج الدارقطني (٤٠٥٦)، والبيهقي في الكبرى (١٨٠٧١)، عن سعيد بن المسيب، قال: «أَبَقت أمةٌ لبعض العرب، فتزوجها رجل من بني عذرة، فنثرت له بطنها، ثم عثر عليها سيدها، فقضى عمر للعذري - يعني بولده - وقضى عليه بالغرة؛ لكل وصيف وصيف، ولكل وصيفة وصيفة»، ورجاله ثقات، وأخرج القصة سحنون في المدونة (٢/ ١٤٢)، عن ابن شهاب مرسلاً. ورجاله ثقات أيضًا.
وورد عن علي : أخرجه عبد الرزاق (١٤٨٤٢)، وابن أبي شيبة (٢٠٢٧٧)، عن الحكم بن عتيبة: أن رجلاً ترك امرأته وابنًا له وجاريته، فباعت امرأته وابنه الجارية، فوطئها الذي ابتاعها فولدت، ثم جاء صاحب الجارية فتعلَّق بها، فخاصمه إلى عليٍّ، فقال عليٌّ: «خذ جاريتك وولدها»، وقال للآخر: «خُذ المرأة والابن بالخلاص»، فلما أخذ سلم الآخر البيع. وهذا مرسل، الحكم لم يدرك عليًّا.
وأخرجه ابن أبي شيبة (٢٠٥٤٠)، والبيهقي في الكبرى (١١٥٤٨)، عن الشعبي، عن عليٍّ في رجل اشترى جارية، فولدت منه أولادًا، ثم أقام الرجل البينة أنها له، قال: «تُرَد عليه ويُقوَّم عليه ولدها، فيغرم الذي باعه بما عز وهان»، ولفظ البيهقي: فقال علي: «يأخذ صاحب الجارية جاريته، ويؤخذ البائع بالخلاص»، قال البيهقي: (وقول علي: «ويؤخذ البائع بالخلاص»، يريد والله أعلم: بالثمن وقيمة الولد)، وإسناده صحيح.