للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجوابُه: بأنَّ القصد من الدُّهن غالِبًا هو الأكل، وقد زال، وتَعْظُم المشقَّة بتطهيره، بخلاف الثَّوب النَّجِس، فإنَّه يجوز لبسه في غير الصَّلاة، ولا تعظُم المشقَّة بتطهيره، والأَوْلى أنَّ فيه نَهْيًا خاصًّا فهو غير مقدورٍ على تسليمه شرعًا.

(وَعَنْهُ: يَجُوزُ بَيْعُهَا لِكَافِرٍ يَعْلَمُ نَجَاسَتَهَا)؛ لأنَّه يعتقد حِلَّ ذلك، ويستبيح أكلَه، قال ابن المنجَّى: (واشترط الكفر لأجل اعتقاد المجوِّز، والعلم بنجاستها المراد به: اعتقاد الطَّهارة؛ لأنَّ نفس العلم بالنَّجاسة ليس شرطًا في بيع الثَّوب النَّجِس، فكذا هنا)، وفيه شيءٌ.

وفي «المغني»: يجوز أن يُدفَع إلى كافِرٍ في فكاك مسلمٍ ويعلَمُ بنجاسته؛ لأنَّه ليس ببيعٍ في الحقيقة، وإنَّما هو استِنْقاذ المسلم به.

(وَفِي جَوَازِ الاِسْتِصْبَاحِ بِهَا رِوَايَتَانِ)، كذا في «المحرَّر» و «الفروع»:

إحداهما: لا (١)، وجزم بها في «الوجيز»؛ لأنَّه نهى عن قُرْبانه (٢)، فيدخل فيه: الاِسْتِصباحُ وغيرُه، ولأنَّه دُهْنٌ نَجِسٌ، فلم يَجُزِ الاِسْتِصْباحُ به؛ كشحم الميتة.

والثَّانية: يُباح، روي عن ابن عمر (٣)، واختاره الخِرَقيُّ؛ لأنَّه أمكن


(١) قوله: (لا) سقط من (ح).
(٢) في حديث جابر عند البخاري (٢٢٣٦)، ومسلم (١٥٨١)، وفيه: أرأيت شحوم الميتة، فإنها يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: «لا، هو حرام».
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٤٣٩٧)، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد: «أن جرًّا لآل ابن عمر فيه عشرون فرقًا من سمن أو زيادة، وقعت فيه فأرة فماتت: فأمرهم ابن عمر أن يستصبحوا به»، وأخرجه عبد الرزاق (٢٨٦)، والطحاوي في مشكل الآثار (١٣/ ٣٩٩)، وابن المنذر في الأوسط (٨٧٨)، وابن حزم في المحلى (١/ ١٦١)، والبيهقي في الكبرى (١٩٦٢٧)، عن نافع، عن ابن عمر، بلفظ: «استسرجوا به وادهنوا به الأُدم»، وصححه البيهقي، وقال ابن حجر في الفتح ٩/ ٦٧٠ عن إسناد البيهقي: (وهذا السند على شرط الشيخين).