للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما لم يُحدِث لا تُحتسب المدَّة، فلو بقي بعد لُبسه يومًا على طهارة اللُّبس، ثمَّ أحدث؛ استباح بعد الحدث المدَّة.

(وَعَنْهُ: مِنَ الْمَسْحِ بَعْدَهُ)، روي عن عمر أنَّه قال: «امسح إلى مثل ساعتك التي مسحت فيها» خرَّجه الخلَّال (١)، واختاره ابن المنذر؛ لظاهِر قوله : «يمسح المسافِرُ ثلاثًا» فلو كان أوله الحدث لم يُتصوَّر؛ إذ الحدث لا بدَّ أن يسبق المسح، وهو محمول على وقت جواز المسح.

وأمَّا تقديره بخمس صلوات؛ فلا يصحُّ؛ لأنَّه قدَّره بالوقت دون الفِعل.

فعلى هذا: يمكن المقيمَ أن يصلِّيَ بالمسح سِتَّ صلوات، يؤخِّر الصَّلاة، ثمَّ يمسح في اليوم الثَّاني ويصلِّيها فيه في أوَّل وقتها، وإن كان له عذر يبيح الجمع (٢) أمكنه أن يصلِّي سبع صلوات، والمسافر أن يصلِّي ستَّ عشرة صلاة، وإن جمع فسبع (٣) عشرة صلاة.

(وَمَنْ مَسَحَ مُسَافِرًا، ثُمَّ أَقَامَ؛ أَتَمَّ مَسْحَ مُقِيمٍ) قال في «المغني» و «الشرح»: (بغير خلاف نعلمُه؛ لأنَّها عبادة تختلف في الحضر والسَّفر، فإذا وُجد أحد طرفيها في الحضر غلب حكمه، ولو تلبَّس بصلاة في سفينة، فدخلت الإقامة في أثنائها بطلت)، قال في «الرعاية»: (في الأشهر).

وقوله: (أتمَّ مسحَ مقيمٍ) مُرادُه: إذا لم يستكمل مدَّة الإقامة، فإن استكملها خلَع، قال ابن تميم: (روايةً واحدة)؛ لتغليب جانب الحضر، وذكر


(١) أخرجه عبد الرزاق (٨٠٨)، والبيهقي في الكبرى (١٣١٤)، عن أبي عثمان النهدي قال: حضرت سعدًا وابن عمر يختصمان إلى عمر في المسح على الخفين، فقال عمر: «يمسح عليهما إلى مثل ساعته من يومه وليلته»، ورواه ابن المنذر في الأوسط (٤٦٩)، بلفظ: «يمسح إلى الساعة التي توضأ فيها»، وإسناده صحيح.
(٢) قوله: (يبيح الجمع) سقطت من (أ).
(٣) في (و): تسع. والمثبت موافق لما في الشرح الكبير ١/ ٤٠١.