للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مدَّة الخيار، فجاز، كما لو شرط الخيار، ولأنَّه نوع بيعٍ، فجاز أن يفسخ بتأخُّر (١) القبض كالصَّرف.

فإذا لم يَنقُدْ في المدَّة؛ انفسخ العقد، وقيل: يبطل بفواته.

(وَإِنْ بَاعَهُ، وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ)، أو من عيب كذا إن كان به؛ (لَمْ يَبْرَأْ) في ظاهر المذهب؛ لأنَّه خيار يثبت بعد العقد، فلا يسقط قبله كالشُّفعة، ذكره أبو الخطَّاب وجَمْعٌ، أو لأنَّه شَرْطٌ يَرْتَفِق به أحدُ المتعاقدين (٢)، فلا يصِحُّ شرطه كالأجل المجهول.

(وَعَنْهُ: يَبْرَأُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ عَلِمَ الْعَيْبَ فَكَتَمَهُ)، ومعناه: أنَّه يبرأ مع الجهل لا العلم به؛ لأنَّ عبد الله بن عمر باع عبدًا من زيد بن ثابت بثمانمائة درهم بشرط البراءة، فأصاب به زيدٌ عيبًا، فأراد ردَّه على ابن عمر، فلم يَقْبَلْه، فترافعا إلى عثمان، فقال عثمان لابن عمر: «أتحلف أنَّك لم تعلم بهذا العيب؟» فقال: «لا»، فردَّه عليه، ثمَّ باعه ابن عمر بألف درهم، رواه أحمد (٣)، وهذه قضيَّةٌ اشتهرت، ولم تُنكَر فكانت كالإجماع.

ونقل ابن هانِئ: إن عيَّنه صحَّ، ومعناه نقل ابن القاسم وغيره، إلاَّ أن يخبره بالعيوب كلِّها (٤)؛ لأنَّه مرفق في البيع كالخيار.


(١) في (ق): بتأخير.
(٢) في (ح): العاقدين.
(٣) أخرجه أحمد في مسائل صالح (٢/ ٣٩)، وأخرجه مالك (٢/ ٦١٣)، وعبد الرزاق (١٤٧٢٢)، وسحنون في المدونة (٣/ ٣٦٨)، وابن أبي شيبة (٢٠٨٠٨)، والبيهقي في الكبرى (١٠٧٨٧)، عن سالم بن عبد الله به. وصححه البيهقي وابن الملقن في البدر المنير ٦/ ٥٥٨، واحتج به أحمد في مسائل عبد الله ص ٢٧٦.
تنبيه: لم يأت ذكر زيد بن ثابت في المصادر، وإنما ذُكر مبهمًا، قال الحافظ في التلخيص ٣/ ٦٧: (وتعيين هذا المبهم ذكره في الحاوي للماوردي وفي الشامل لابن الصباغ بغير إسناد).
(٤) ينظر: الفروع ٦/ ١٩٣.