للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ مَضَتِ الْمُدَّةُ، وَلَمْ يَفْسَخَا؛ بَطَلَ خِيَارُهُمَا)، ولزم العقد، هذا هو الأصحُّ؛ لأنَّها مدَّةٌ ملحقةٌ بالعقد، فبطلت بانقضائها؛ كالأجل.

وقال القاضي: لا يلزم؛ لأنَّه حقٌّ له لا عليه، فلم يلزم بمرور الزَّمان؛ كمضِيِّ الأجل في حقِّ المُولي.

وجوابه: أنَّ الحكم ببقائها يفضي إلى بقاء الخيار أكثر من مدَّته المشترطة، وهو لا يثبت إلاَّ بالشَّرط؛ إذ البيع سبب اللُّزوم، لكن تَخلَّف (١) موجَبُه بالشَّرط، فإذا زالت مدَّتُه؛ لزم العقد بموجِبِه؛ لخلوه عن المعارض.

قوله: (وَلَمْ يَفْسَخَا) ليس قيدًا فيه، بل لو لم يفسخ أحدهما؛ بطل الخيار، صرَّح (٢) به في «المغني» و «الشَّرح»؛ إذ فسخ أحدهما لا يصدق عليه أنَّهما (٣) فسخا، ولم يحترز عنه؛ لظهور المراد.

(وَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ) مدَّة الخيارين (إِلَى الْمُشْتَرِي، بِنَفْسِ الْعَقْدِ، فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ)، هي المذهب؛ لقوله : «من باع عبدًا وله مالٌ فماله للبائع إلاَّ أن يشترطه المبتاعُ» (٤)، ووجهه: أنه جعل المال للمبتاع باشتراطه، وهو عام في كلِّ بيع، فيدخل فيه بيع الخيار.

والثَّانية: لا ينتقل الملك إلاَّ بانقضاء مدة الخيار؛ لأنَّه عقدٌ قاصرٌ لا يفيد التَّصرُّف، ولا يلزم، أشبه الهبة قبل القبض.

والأُولى أصحُّ؛ لأنَّه بيعٌ صحيحٌ، فنُقل الملك عقيبه، كما لو لم يشترطه، ولأنَّ البيع تمليكٌ بدليل أنَّه يصح بقوله: ملَّكتُك، فثبت الملك فيه؛ كالمطلق، ودعوى القصور فيه ممنوعةٌ، وجواز فسخه لا يوجب قصوره، ولا يمنع نقل


(١) في (ح): تختلف.
(٢) في (ح): وصرح.
(٣) في (ح): لأنهما.
(٤) أخرجه البخاري (٢٣٧٩)، ومسلم (١٥٤٣).