للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالكَيل، فمن خالف ذلك؛ خرج عن المشروع المأمور به؛ إذ المساواة المعتبَرة فيما يحرم فيه التَّفاضُل هي المساواة في معياره الشَّرعيِّ، ولأنَّه متى باع رطْلاً من المكيل برَطْلٍ؛ حصل في الرَّطل الخفيف أكثر ممَّا يحصل من الثَّقيل، فيختلفان في الكيل، وإن لم يُتحقَّق التَّفاضل؛ إذ الجهل بالتَّساوي كالعلم بالتَّفاضُل، وكما لو باع بعضه ببعض جزافًا، إلاَّ إذا علم مساواته في معياره الشَّرعيِّ حالةَ العقد.

فرع: إذا باع صُبْرةً بأخرى من جنسها، وقد عَلِما كَيْلَهما، أو تساويهما؛ صحَّ؛ لوجود التَّماثل المشترَط، فلو قال: بِعتُك هذه بهذه، مِثلاً بمثلٍ، فكِيلَتا، فكانتا سواءً؛ صحَّ، فإن زادت إحداهما، فرضي صاحب النَّاقصة بها، أو رضي صاحب الزَّائدة بردِّ الفضل؛ جاز، فإن امتنعا فُسِخ البَيعُ بينهما، ذكره القاضي.

(فَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ؛ جَازَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، كَيْلاً، وَوَزْنًا، وَجزَافًا)؛ نَصَّ عليه (١)، وهو قول أكثر العلماء؛ لقوله : «فإذا اختلفت هذه الأصنافُ؛ فبِيعُوا كيف شِئْتُم، يدًا بيدٍ» (٢)، ولأنَّه يجوز التَّفاضل فيه، فجاز جزافًا؛ كالمكيل بالموزون (٣).

ونصُّه: لا (٤)، اختاره جماعةٌ، واحتجَّ القاضي وأصحابه: بنهيه في خبر جابِرٍ عن «بَيع الصُّبَر بالصبر (٥) من الطَّعام لا يُدرى ما كيلُ هذا، وما كيل هذا» (٦)؛ أي: مجازَفةً، وقياسًا على الجنس الواحد.


(١) ينظر: مسائل ابن منصور ٦/ ٢٦٤٦ - ٢٦٩٢، مسائل أبي داود ص ٢٦٨.
(٢) أخرجه مسلم (١٥٨٧)، من حديث عبادة .
(٣) في (ق): والموزون.
(٤) ينظر: مسائل ابن منصور ٦/ ٢٦٤٥.
(٥) في (ح): الصبرة بالصبرة.
(٦) أخرجه مسلم (١٥٣٠).