للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما تقدَّم من أنَّ العلَّة هي الثَّمنيَّة فيهما؛ علَّةٌ قاصرةٌ لا يصحُّ التَّعليل بها في اختيار الأكثر، ونُقِضتْ طردًا بالفلوس؛ لأنَّها أثْمانٌ، وعكسًا بالحليِّ.

وأجيب: لعدم النَّقْديَّة (١) الغالِبة.

قال في «الانتصار»: يجب أن يقولوا إذا أنفقت (٢) حتَّى لا يُتعامَل إلاَّ بها: أنَّ فيها الرِّبا؛ لكونها ثمنًا غالبًا.

فعليها: لا يجري في مطعومٍ لا يُكالُ ولا يُوزَن؛ كالرُّمَّان، والسَّفَرْجَل، والأُتْرُجِّ، ولا في غير مطعومٍ؛ كالأشنان، والحديد، ويجري في النَّقدين، تِبْرِهما ومضروبِهما، وجيِّدهما ورديئهما في قول الأكثر، كيفما كانا.

وعنه: لا تباع (٣) صِحاحٌ بمكسَّرةٍ؛ لزيادته بالصِّناعة، ولا عمل عليها؛ لظواهر الأخبار.

(وَلَا يُبَاعُ مَا أَصْلُهُ الْكَيْلُ بِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِهِ وَزْنًا، وَلَا مَا أَصْلُهُ الْوَزْنُ كَيْلاً)؛ لِمَا روى أبو هريرةَ: أنَّ النَّبيَّ قال: «الذَّهبُ بالذَّهب، وزْنًا بوزْنٍ، مِثْلاً بمثلٍ، فمن زاد أو اسْتزاد؛ فهو رِبًا» رواه مسلمٌ (٤)، وروى أبو داودَ من حديث عُبادةَ مرفوعًا: «البُرُّ بالبُرِّ مُدَّينِ بمُدَّينِ، والمِلْحُ بالمِلْح (٥) مُدَّينِ بمُدَّينِ، والشَّعيرُ بالشَّعير، مُدَّينِ بمُدَّينِ، والتَّمرُ بالتَّمر مُدَّينِ بمُدَّينِ؛ فمن زاد أو ازداد فقد أَرْبَى» (٦)، فاعتبر الشَّارع المساواة في الموزونات وفي المكيلات


(١) في (ح): التعدية.
(٢) في (ق): ابتعت.
(٣) في (ح): لا يباع.
(٤) أخرجه مسلم (١٥٨٨).
(٥) قوله: (بالملح) سقط من (ق).
(٦) أخرجه أبو داود (٣٣٤٩)، والبيهقي في الكبرى (١٠٥٤٢)، وأخرجه النسائي (٤٥٦٣)، من وجه آخر، وإسناده صحيح.