للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُسْتَثْنَى منه: الماءُ على ما قطع به الأكثر؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ [البَقَرَة: ٢٤٩].

وجوابُه: بأنَّه لا يجري فيه؛ لإباحته في الأصل، وبأنَّه لا يتموَّل عادة، وفيه نظرٌ؛ إذ العِلَّة عندنا ليست هي الماليَّةَ.

(وَعَنْهُ: لَا يَحْرُمُ (١) إِلاَّ فِي ذَلِكَ إِذَا كَانَ مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا)، اختارها (٢) المؤلِّف والشَّيخ تقيُّ الدِّين (٣)؛ لِمَا روى سعيدُ بن المسيِّب مرفوعًا: «لا رِبَا إلاَّ فيما كِيلَ أو وُزِنَ، ممَّا يُؤْكَلُ ويُشْرَبُ» رواه الدَّارَقُطْنيُّ، وقال: الصَّحيحُ أنَّه من قَول سعيدٍ، ومن رَفَعَه فقد وَهِم (٤)، ولأنَّ فيه جمْعًا بين الأدلَّة، فنهيُه عن بيع الطَّعام بالطَّعام إلاَّ مِثْلاً بمثلٍ؛ محمولٌ على ما فيه مِعْيارٌ شرعِيٌّ، وهو الكيل أو الوزن (٥)؛ إذ الطُّعْم بمجرَّده لا تتحقَّق (٦) المماثلةُ به، ونهيُه عن بيع الصَّاع بالصَّاعَين؛ محمولٌ على المطعوم.

لكن يترجَّح الأوَّلُ؛ بأنَّ الطَّعام بعضُ أفراد الصَّاع، ويجاب بمخالفته (٧) له في المفهوم، وهو مبنيٌّ على اعتبار مفهوم اللَّقَب، وهو (٨) معتبَرٌ عندنا.


(١) في (ظ): لا يجري.
(٢) في (ق): اختاره.
(٣) ينظر: مجموع الفتاوى ٢٩/ ٤٧٠.
(٤) أخرجه الدارقطني (٢٨٣٤)، من طريق المبارك بن مجاهد، عن مالك، عن أبي الزناد، عن سعيد بن المسيب عن النبي ، قال الدارقطني: (هذا مرسل، ووَهِم المبارك على مالك برفعه إلى النبي وإنما هو من قول سعيد بن المسيب مرسل)، والمبارك بن مجاهد المروزي ضعَّفه جماعة كقتيبة بن سعيد والحاكم وابن القطان وغيرهم، وأخرجه عبد الرزاق (١٤١٣٩)، ويحيى بن يحيى الليثي في موطئه (٢/ ٦٣٥)، والشيباني في موطئه (٨٢٠)، جميعهم عن مالك مرسلاً. ينظر: لسان الميزان ٦/ ٤٥٥، الإرواء ٥/ ١٩٣.
(٥) في (ح): والوزن.
(٦) في (ظ): يتحقق.
(٧) في (ح) و (ق): مخالفته.
(٨) في (ح): وهنا.