للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَلَا يَجُوزُ)؛ أي: لا يصِحُّ (بَيْعُ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ)، لا يختلف المذهب في ذلك، وهو قول الفقهاء السَّبعةِ؛ لِمَا روى مالكٌ، عن زيد بن أسْلمَ، عن سعيد بن المسيِّب: «أنَّ النَّبيَّ نهى عن بيع اللَّحم بالحيوان»، قال ابن عبد البَرِّ: هذا أحسنُ أسانيده (١)، وقد رُوِيَ مسنَدًا من حديث ثابت بن زُهَيرٍ عن نافع عن ابن عمرَ، لكن قال أبو حاتم الرَّازي: ثابِتٌ منكَر الحديث (٢)، وعن سعيد: «أنَّ النَّبيَّ نهى عن بيع الحيِّ بالميت»، ذكره أحمدُ واحتجَّ به (٣)، ولأنَّه مال ربويٌّ بِيع بما فيه من جنسه مع


(١) ينظر: التمهيد ٤/ ٣٢٢.
(٢) أما المرسل؛ فأخرجه أبو داود في المراسيل (١٧٨)، والدارقطني (٣٠٥٧)، والحاكم (٢٢٥٢)، والبيهقي (١٠٥٧٠)، ورفعه يزيد بن مروان عن سهل بن سعد ، كما عند الدارقطني (٣٠٥٦)، ويزيد ضعيف جدًّا، واتهمه ابن معين بالكذب، وقال ابن عبد البر عن رفعه: (وهذا حديث إسناده موضوع).
وأما الموصول الذي ذكره من حديث ابن عمر : فأخرجه البزار (٥٨٨٨)، بلفظ: «نهى عن بيع اللحم بالحيوان»، وفي سنده: ثابت بن زهير البصري، منكر الحديث كما قال البخاري وأبو حاتم والدارقطني، ورجح الدارقطني والبيهقي وابن الملقن وغيرهم إرساله، وله شاهد قوَّاه البيهقي وابن حجر، أخرجه البيهقي في الكبرى (١٠٥٦٩)، من طريق الحسن عن سمرة مرفوعًا، قال البيهقي: (إسناد صحيح، ومن أثبت سماع الحسن البصري من سمرة بن جندب عدَّه موصولاً، ومن لم يثبته فهو مرسل جيد يضم إلى مرسل سعيد بن المسيب، والقاسم بن أبي بزة، وقول أبي بكر الصديق . ينظر: الجرح والتعديل ٢/ ٤٥٢، التمهيد ٤/ ٣٢٣، البدر المنير ٦/ ٤٦٨، التلخيص الحبير ٣/ ٢٥.
(٣) أخرجه الشافعي في المسند (ص ٢٥٠)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى (١٠٥٧٢)، عن القاسم بن أبي بزة، قال: قال لي رجل من أهل المدينة، وذكره. وفي سنده: مسلم بن خالد الزنجي وهو صدوقٌ كثير الأوهام، وفي تعيين الرجل قال البيهقي: (والظاهر أنه غير ابن المسيب؛ لأن ابن المسيب أشهر من ألاَّ يعرفه القاسم بن أبي بزة المكي حتى يُسأل عنه)، قال العلائي: (ولو كان ابن المسيب ولم يكن يعرفه لسمي له باسمه ولم يقتصر على الثناء عليه)، وأخرج عبد الرزاق (١٤١٦٣) عن الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب: «أنه كَره أن يباع حي بميت»، ورجاله ثقات. ينظر: جامع التحصيل ص ٩١، الإرواء ٥/ ١٩٧.