للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظاهره: أنَّه لا يعتبر حاجة البائع، فإن احتاج إلى أكل التَّمر، ولا ثمن معه إلاَّ الرُّطب؛ فقال أبو بكرٍ والمجْدُ بجوازه، وهو بطريق التَّنبيه؛ لأنَّه إذا جاز مخالفة الأصل لحاجة التَّفكُّه؛ فلحاجة الاِقْتيات أَوْلَى؛ إذ القياس على الرُّخصة جائزٌ إذا فُهِمت العِلَّةُ.

وقال ابن عَقِيلٍ: من صُوَر الحاجة ما قاله ابن الزَّاغوني في «الوجيز»: إنَّه لا يُشترَط الأَوْسُقُ إذا كان المشتري هو الواهبَ بأن (١) شقَّ عليه دخول الموهوب له وخروجه في بُستانه، أو كره الموهوب له دخول البستان غيره، وهذا غريبٌ.

ونقل المؤلِّف عن القاضي وأبي بكرٍ: اشتراط الحاجة من البائع والمشتري، والذي قاله في «التَّنبيه»: أنَّه يُكتَفَى بالحاجة من أحد الجانبين، والقول باشتراطها من الجانبين قول ابن عقيلٍ.

وينبني على ذلك: أنَّه لو باع عَرِيَّتين من رجلين فيهما أكثرُ من خمسة أوْسُقٍ، فإن شرطنا الحاجة من الجانبين؛ لم يَجُز، ومن اكتفى بها من أحد الجانبين؛ ألغى جانب البائع، ولم يَعتَبِر إلاَّ المشتري، فيجوز للبائع أن يبيع خمسين وسْقًا في عقود متعدِّدةٍ بشرطه (٢).

ولا يجوز للمشتري أن يشتريَ أكثرَ من خمسة أوْسُقٍ، ولو في صفقتَينِ.

(وَيُعْطِيهِ مِنَ التَّمْرِ (٣) مِثْلَ مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ مَا فِي النَّخْلِ عِنْدَ الْجَفَافِ)، هذا في معنى الخَرْص، ومعناه: أن ينظر كم يجيء منه تمر، فيبيعها بمثله؛ لأنَّه يخرص في الزَّكاة كذلك، وهذا اختيار الأكثر؛ ارتكابًا لأخفِّ المفسدتين - وهو الجهل بالتَّساوي - دون أعظمهما، وهو العلم بالتَّفاضل.


(١) في (ظ): فإن.
(٢) في (ح): بشرط.
(٣) في (ظ): الثمر.