للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذهب جماعةٌ من أصحابنا: إلى المنع؛ سدًّا لذريعة الرِّبا، فإنَّ اتِّخاذ ذلك حيلةٌ على الرِّبا الصَّريح، كبيع مائة درهمٍ في كيس بمائتين؛ جعْلاً للمائة في مقابلة الكيس، وقد لا يساوي درهمًا.

(وَعَنْهُ: يَجُوزُ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُفْرَدُ أَكْثَرَ مِنَ الذِي مَعَهُ غَيْرُهُ)؛ كمُدَّينِ بمُدٍّ ودرهمٍ، (أَوْ يَكُونَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ)؛ كمُدٍّ ودرهمٍ بمدٍّ ودرهمٍ؛ جعْلاً لغير الجنس في مقابلة الجنس، أو في مقابَلة الزِّيادة.

وشرط السَّامَرِّيُّ وغيره فيها: التَّساوي؛ جعْلاً لكلِّ جنسٍ في مقابَلة جنسه، وهذا أَوْلى من جعل الجنس في مقابَلة غيره، لا سيَّما مع اختلافهما في القيمة، وهذا إذا لم يكن حيلةً على الرِّبا.

وللأصحاب طريقةٌ ثانيةٌ، وهو: أنَّه لا يجوز بيع المحلَّى بجنسِ حِلْيته قولاً واحدًا، وفي بيعه بنقدٍ آخَرَ روايتان، ويجوز بيعه بعرْضٍ روايةً واحدةً.

فأمَّا ما لا يُقصد عادةً، ولا يباع مفرَدًا؛ كتزويق الدَّار؛ فلا يمنع من البيع (١) بجنسه اتِّفاقًا (٢).

(وَإِنْ بَاعَ نَوْعَيْ جِنْسٍ بِنَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْهُ؛ كَدِينَارٍ قُرَاضَةً (٣)؛ أي: قطع الذَّهب، (وَصَحِيحٍ بِصَحِيحَيْنِ؛ جَازَ، أَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ (٤)، وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ)، اختاره في «المغني»، و «التَّرغيب»، و «الوجيز»؛ لأنَّ الشَّارعَ اعْتَبَر المثليَّةَ في ذلك، فدلَّ على الإباحة عندها، وهي في الموزون وزنًا، وفي المكيل كَيلاً، والجَودةُ ساقطةٌ هنا، أشبه ما لو اتَّفق النَّوعُ.


(١) في (ح): المبيع.
(٢) ينظر: المبسوط ١٢/ ١٨١، شرح التلقين ٢/ ٢٥٢، نهاية المطلب ٥/ ٨٨، المغني ٤/ ٣٠.
(٣) قال في المطلع ص ٢٨٩: (القراضة: بضم القاف: قطع الذهب والفضة، يجوز نصبه على التمييز، وجره بالإضافة، أو على الصفة، والدينار منون على الأول والثالث).
(٤) ينظر: المغني ٤/ ٣٠.