للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في القِلادة فنُزِع وحدَه، ثمَّ قال لهم: «الذَّهبُ بالذَّهب وَزْنًا بوَزْنٍ» (١)، ولأنَّ الصَّفقة إذا جمعت شَيئَين مختلفَيِ القيمةِ؛ انقسم الثَّمن على قدر قيمتهما، كما لو اشترى شِقْصًا وسيفًا، فإنَّ الشَّفيع يأخذ الشِّقص (٢) بقسطه منه، وهذا يؤدِّي هنا إمَّا إلى العلم بالتَّفاضُل، أو إلى الجهل بالتَّساوي، وكلاهما مبطِلٌ للعقد، فإنَّه إذا باع درهمًا ومُدًّا يساوي درهمين، بمدَّين يساويان ثلاثة دراهمَ؛ كان الدَّرهم في مقابَلة ثلثَيْ مدٍّ، ويبقى مدٌّ في مقابَلةِ مدٍّ وثُلُثٍ، وذلك رِبًا.

فلو فُرِض التَّساوي؛ كمدٍّ يساوي درهمًا، ودرهم بمدٍّ يساوي درهمًا ودرهم؛ لم يَجُز، فإنَّ التَّقويم ظنٌّ وتخمينٌ، فلا نتحقَّقُ (٣) معه المساواةَ، والجهلُ بالتَّساوي كالعلم بالتَّفاضُل.

فلو كانا من شجرةٍ واحدةٍ، أو زرعٍ واحدٍ ونقدٍ واحدٍ؛ فوجهان:

أحدهما: الجوازُ؛ لتحقُّق المساواة.

والثَّاني: المنعُ؛ لجواز أن يتغير (٤) أحدهما قبل العقد، فتنقص (٥) قيمتُه وحدَه، وصحَّح أبو الخطَّاب في «انتصاره» هذا الوجه، وعلَّله: بأنَّا لا نُقابِل مُدًّا بمدٍّ ودرهمًا بدرهمٍ، بل نُقابِل مُدًّا بنصف مدٍّ ونصف درهم، بدليل لو خرج مستحَقًّا؛ لاستردَّ ذلك، فالجهل (٦) بالتَّساوي موجودٌ، وهذه هي طريقة القاضي وأصحابه.

وضعَّفها الشَّيخ زين الدِّين ابن رجبٍ، فقال: لأنَّ المنقسِمَ هو قيمة الثَّمن على قيمة المثمَن، لا أجزاء أحدهما على قيمة الآخَر.


(١) أخرجه مسلم (١٥٩١)، وأبو داود (٣٣٥١).
(٢) في (ح): بالشقص.
(٣) في (ظ): يتحقق.
(٤) في (ح): يتعين.
(٥) في (ق): بشقص.
(٦) في (ظ): والجهل.