للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والسُّنَّةُ، فروى ابنُ عبَّاسٍ: أنَّ النَّبيَّ قدم المدينة وهم يُسلِفون في الثِّمار السَّنَةَ والسَّنَتَينِ، فقال: «من أسْلَف في شَيءٍ؛ فلْيُسلِف في كيلٍ معلومٍ، ووَزْنٍ معلومٍ، إلى أجلٍ معلومٍ» متَّفقٌ عليه (١).

والمعنى شاهِدٌ بذلك؛ لأنَّ بالنَّاس حاجةً إليه؛ لأنَّ أرباب الزُّروع والثِّمار يحتاجون إلى النَّفقة عليها؛ لتكمُل، فجُوِّز لهم السَّلَمُ ليَرْتَفِقُوا، ويَرْتَفِق المسْلِم بالاسْتِرْخاص.

(وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْبَيْعِ)؛ لأِنَّه بَيعٌ إلى أجلٍ فشمله النَّصُّ، (يَصِحُّ بِأَلْفَاظِهِ)؛ أيْ: بألفاظ البيع؛ لأِنَّه بَيعٌ حقيقةً، (وَبِلَفْظِ السَّلَمِ وَالسَّلَفِ)؛ لأنَّهما حقيقةٌ فيه؛ إذْ هما للبيع الَّذي عُجِّل ثمنُه وأُجِّل مُثْمَنُه.

(وَلَا يَصِحُّ إِلاَّ بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ)، وجعلها في «المحرَّر» أربعةً زائدًا على شروط البيع، فتكون (٢) أربعة عشر شرطًا، لكن ذكر الحُلْوانيُّ من شرط صحَّة السَّلَم: أن يوجد الإيجابُ والقَبولُ.

(أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ فِيمَا يُمْكِنُ ضَبْطُ صِفَاتِهِ)؛ أي: الَّتي يَختلِف الثَّمن باختلافها اخْتِلافًا كثيرًا ظاهرًا؛ لأِنَّ ما لا يُمكِن ضبطُ صفاته يختلف كثيرًا، فيُفْضِي إلى المنازَعة والمشاقَّة المطلوبِ عَدَمُها؛ (كَالْمَكِيلِ) من (٣) الحبوب وغيرها، وهو إجماعٌ في الطَّعام، ذكره ابنُ المنذِر (٤)، (وَالْمَوْزُونِ)؛ كالقُطْن، والإبْريسم، والصُّوف، والنُّحاس، والطِّيب، والعِنَب، والأدهان، والخُلول، (وَالْمَذْرُوعِ) على المذهب؛ كالثِّياب؛ لأنَّ بعضَ ذلك منصوصٌ عليه، والباقي بالقياس.


(١) أخرجه البخاري (٢٢٤٠)، ومسلم (١٦٠٤).
(٢) في (ظ): فيكون.
(٣) في (ظ): في.
(٤) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص ٩٨.