للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(الثَّالِثُ: زَوَالُ الْعَقْلِ) أو تغطيتُه، قال أبو الخطاب وغيره: ولو تلجَّم ولم يخرج شيء؛ إلحاقًا بالغالِب؛ لأنَّ الحِسَّ يذهب معَه.

والمُزِيلُ له على ضَربيْن: نومٌ وغيرُه.

فغيرُ النوم؛ كالجُنون والإغماء والسُّكْر؛ ينقض كثيرها ويسيرُها إجماعًا على كلِّ الأحوال؛ لأنَّ هؤلاء لا يشعُرون بحال، بخلاف النائم، وفي إيجاب الوضوء بالنَّوم تنبيهٌ على وجوبِه بما هو آكد منه.

وأمَّا النَّوم؛ فرحمةٌ من الله تعالى على عبده ليستريح بدنه عند تعبِه، وهو غَشْيةٌ ثقيلةٌ تقع على القلب تمنع المعرفة بالأشياء، فينقض في الجملة؛ لما روى علي بن أبي طالب: أنَّ النَّبيَّ قال: «العين وكاء السَّه (١)، فمن نام فليتوضَّأ» رواه أحمد وأبو داود عن بقيَّة عن الوَضِين بن عطاء (٢)، ولأنَّه مَظِنَّة خروج الحدث، فأقيم مقامَه؛ كالتقاء الختانين.

ونقل الميموني: أنَّه لا ينقض، قال الخلَّال: (هو خطأ بيِّن)، واختاره الشَّيخ تقي الدِّين إذا ظنَّ بقاء طُهره، ولا تفريع عليها.

ثمَّ هو (٣) ينقسم إلى أقسام، فقال: (إلَّا النَّوم اليسير (٤) عُرْفًا؛ لأنَّه لا حدَّ


(١) كتب على هامش الأصل: قال الهروي: السَّه: حلق الدبر.
(٢) أخرجه أحمد (٨٨٧) وأبو دواد (٢٠٣)، من طريق عبد الرحمن بن عائذ، عن علي ، وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده (١٦٨٧٩)، والدارمي (٧٤٩)، من حديث معاوية ، وسئل عنهما أبو حاتم فقال: (ليسا بقويين)، وقال أبو زرعة عن حديث علي: (ابن عائذ عن علي مرسل)، وفي إسناد حديث علي الوضين بن عطاء، وهو صدوق سيئ الحفظ، وأُنكر عليه هذا الحديث، ورجح ابن عبد الهادي أن حديث معاوية موقوف، وضعَّف الحديث الساجي، وابن عبد البر، وابن القطان، وابن حجر، وحسنه النووي، والمنذري، وابن الصلاح. ينظر: علل ابن أبي حاتم (١٠٦)، بيان الوهم والإيهام ٣/ ٧، تنقيح التحقيق ١/ ٢٥٢، التلخيص الحبير ١/ ٣٣٣، صحيح أبي داود للألباني ١/ ٣٦٧.
(٣) قوله: (هو) سقطت من (أ).
(٤) كتب على هامش الأصل: من أصل مسودة المصنف: النوم غشية ثقيلة على القلب تمنع المعرفة بالأشياء، انتهى. وهو - أي: النوم- رحمة من الله على عبده؛ ليستريح بدنه عند تعبه، لما علم الله عجز الروح المدبر عن القيام بتدبير البدن دائمًا، انتهى.