للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي القياس نظرٌ؛ لأنه يُوهِم أن البيع في غيرهما لا يلزم في روايةٍ، وليس كذلك؛ إذ لا خلاف في لزومه.

وفُهِم منه: أنَّه قبل القبض صحيحٌ، وليس بلازمٍ؛ لأنَّه يجوز للرَّاهن فسخُه والتَّصرُّف فيه بكلِّ نَوعٍ، فإن كان ببيعٍ أو عتق أو نحوهما؛ بطل حكم الرَّهن؛ لتعذُّر الاِسْتِيفاء من ثمنه، وإن كان بتدبيرٍ أو إجارةٍ أو تزويجٍ؛ فلا؛ لأنَّه لا يَمنَع من البيع (١)، فلا يَمنَع صحَّةَ الرَّهن.

وظاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وابنِ أبي موسى، وابنِ عَقيلٍ في «التَّذكرة» تَبَعًا لشيخه القاضي أبي يَعْلَى في «الجامع الصَّغير»: أنَّ القَبْضَ شرطٌ في صحَّة الرَّهْن، وصفة قبضه كمبيعٍ، فلو رهنه دارًا وخلَّى بينه وبينها، وللرَّاهِن فيها قُماشٌ؛ لم يَمنَعْ من صحَّة التَّسليم؛ لأنَّ اتِّصالها بملك الرَّاهن لا يَمنَع صحَّة التَّسليم؛ كالثَّمَرة في الشَّجرة.

ويُعتبَر في القبض إذْنُ وليِّ الأمر في الأشهَر، ويبطل (٢) إذنه بنحو إغماءٍ وخَرَسٍ، فلو رهنه ما في يده ولو غصبًا؛ فكهبته إيَّاه، ويزول ضمانه.

(وَاسْتِدَامَتُهُ شَرْطٌ فِي اللُّزُومِ)، وهو قول أكثرهم؛ للآية الكريمة، ولأنَّها إحدى (٣) حالتي الرَّهن، فكان القَبْضُ فيه شرْطًا كالابتداء، بخلاف الهِبَة، فإنَّ القَبْضَ في ابْتِدائها يُثْبِتُ الملْكَ، فإذا ثبت استُغْنِيَ عن القبض، والرَّهن يُراد للوثيقة ليَتَمكَّن من (٤) بيعه واستيفاء دَينه، فإذا (٥) لم يكن في يده؛ زال ذلك.

وهذا على القول بأنَّ ابْتِداء القبض شرْطٌ في اللُّزوم، وإن قلنا: ليس


(١) في (ح): المبيع.
(٢) في (ظ): تبطل.
(٣) في (ق): أحد.
(٤) في (ح): في.
(٥) قوله: (فإذا) هو في (ظ): منه إذا.