للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فعلى هذا: إن كان موسِرًا؛ (يُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَتُهُ)؛ لأِنَّه أبطل حقَّ المرتَهِن من الوثيقة، أشْبه ما لو أتلفه، ويُعتبر حالُ الإعتاق؛ لأنه وقت الإتلاف، فجُعِلت (رَهْنًا مَكَانَهُ)؛ لأنها (١) نائبةٌ عن العَين، أو بدلٌ عنها.

وكذا حُكم ما لو قَتَله بقصاصٍ استحقَّه عليه، أو أَحبل الأمَة بلا إذن المرتَهِن، أو أقرَّ بالعتق وكذَّبه.

فعليه: القيمة تكون رهنًا، وإن كان معسِرًا فهي في ذمَّته، فإن أَيْسر قبل حلول الحقِّ؛ أُخِذت منه فجعلت رهنًا، إلاَّ أن يختارَ تعجيل الحقِّ فيقضيه، وإن أَيْسر بعد (٢) حلول الحقِّ؛ طُولِب بالدَّين خاصَّةً؛ لأنَّ ذمَّته تبرأ به (٣) من الحقَّينِ معًا.

(وَعَنْهُ: لَا يَنْفُذُ عِتْقُ الْمُعْسِرِ)، اختاره أبو محمَّد الجَوزيُّ، وذكرها أبو الخَطَّاب في «الهداية» احْتِمالاً، وفي «المحرَّر» تخريجًا؛ لأِنَّ نفوذ عِتْقه يُسْقِط الوثيقةَ وبَدَلَها، فلم يَنفُذ؛ لِما فيه من الإضرار بالمرتَهِن، وكما لو أعتق شركًا له في عبدٍ وهو معسِرٌ.

وفي طريقة بعض أصحابنا: إن كان معسِرًا؛ يُستسعى العبد بقدر قيمته، تُجعل رهنًا.

وفيه نظرٌ؛ لأنَّ فيه إيجابَ الكسب على العبد، ولا صنع ولا جناية منه، فكان إلزام الغرم للمتلِف أَوْلى.

وقيل: ولا ينفذ عتق غيره، وذكره في «المبهج» روايةً.

وإذا لم نقل بالنُّفوذ؛ فظاهر كلامهم: أنه لا يَنفُذ بعد زوال الرَّهن، وفيه احْتِمالٌ.


(١) في (ح): لأنه.
(٢) في (ظ): (قبل). والمثبت موافق لما في المغني ٤/ ٢٧١.
(٣) قوله: (تبرأ به) في (ح): ببراءة.