للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الخِيَر في هذه الأمور.

(وَعَنْهُ: إِنِ اخْتَارَ فِدَاءَهُ؛ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْأَرْشِ)، بالِغًا ما بَلَغَ؛ لأنَّه ربَّما رَغِب فيه راغِبٌ، فيشتريه بأكثر من قيمته.

(فَإِنْ فَدَاهُ؛ فَهُوَ رَهْنٌ بِحَالِهِ)؛ لأِنَّ حقَّ المرتَهِن قائِمٌ؛ لوجود سببه، فلم يبطل الرَّهن، وإنَّما قدِّم حقُّ المجنِيِّ عليه؛ لقوَّته، فإذا زال؛ ظهر حقُّ المرتَهِن.

(وَإِنْ سَلَّمَهُ) في الجناية، أو باعه؛ (بَطَلَ الرَّهْنُ)؛ لأِنَّ الجناية تعلَّقت بالعبد؛ وبالتَّسليم استقرَّ كونُه عِوَضًا عنها، فبطل كَونُه محَلًّا للرَّهن، أشْبَهَ ما لو تلف أو ظهر مستحَقًّا لغيره.

(فَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقِ الْأَرْشُ قِيمَتَهُ)؛ أيْ: قيمة العبد؛ (بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ) على المذهب؛ لأِنَّ بَيعَه إنَّما جاز ضرورةً، فيتقيَّد بقدر الحقِّ، (وَبَاقِيهِ رَهْنٌ)؛ لزوال المعارِض.

لكِنْ إن تعذَّر بَيعُ بعضه؛ بِيعَ كلُّه؛ للضَّرورة المقتضية لبيعه، ويكون باقي ثمنِه رهْنًا، وصرَّح به في «الكافي».

(وَقِيلَ: يُبَاعُ جَمِيعُهُ)، قدَّمه في «المحرَّر»؛ لأِنَّ بَيعَ البعض تَشقِيصٌ له، وهو عَيبٌ يَنقُص به الثَّمَنُ، وفيه (١) ضَرَرٌ بالمالِك (٢) والمرتَهِن، وهو مدفوعٌ؛ لقوله : «لَا ضَرَرَ ولا إضْرارَ» (٣)، (وَ) حينئِذٍ: (يَكُونُ بَاقِي ثَمَنِهِ) بعد دَفْع


(١) في (ح): وهو.
(٢) في (ق): المالك.
(٣) حديث مشهور له طرق كثيرة، منها: ما أخرجه الدارقطني (٣٠٧٩)، والحاكم (٢٣٤٥)، والبيهقي في الكبرى (١١٣٨٤)، من حديث أبي سعيد الخدري ، واختلف في وصله وإرساله، ورواه مرسلاً مالك في الموطأ (٢/ ٧٤٥)، ورجَّح ابن عبد البر إرساله. ومنها ما أخرجه أحمد (٢٨٦٥)، وابن ماجه (٢٣٤١) من حديث ابن عباس ، وفي سنده: جابر بن يزيد الجعفي، وهو ضعيف. ومنها ما أخرجه الطبراني في الأوسط (١٠٣٣)، والدارقطني (٤٥٣٩)، من حديث عائشة ، وفي إسناد الطبراني أبو بكر بن أبي سبرة وهو ضعيف جدًّا، وفي إسناد الدارقطني: الواقدي وهو متروك. ومنها ما أخرجه الطبراني في الأوسط (٥١٩٣)، من حديث جابر ، قال ابن رجب: (إسناده مقارب … وروي مرسلاً وهو أصح)، وقال النووي: (وله طُرق يُقوي بعضها بعضًا)، وكذا قال ابن الصلاح وابن رجب، وقال العلائي: (للحديث شواهد، ينتهي مجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به)، وصححه الألباني بمجموع طرقه. ينظر: جامع العلوم والحكم ٣/ ٩٠٥، الإرواء ٣/ ٤٠٨.