للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَإِنْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ) بإبْراءٍ، أو قضاءٍ، أو حوالةٍ؛ (بَرِئَ الضَّامِنُ)، بغير خلافٍ نعلمه (١)؛ لأنَّه تَبَعٌ له، والضَّمانُ وثيقةٌ، فإذا بَرِئَ الأصلُ (٢)؛ زالت الوثيقةُ كالرَّهن.

(وَإِنْ بَرِئَ الضَّامِنُ، أَوْ أَقَرَّ بِبَرَاءَتِهِ؛ لَمْ يَبْرَأِ الْمَضْمُونُ عَنْهُ)؛ لأنَّه أصلٌ، فلا يبرأُ ببراءة التَّبَع، وهذا إذا انفرد الضَّامِنُ، فلو تعدَّد صحَّ، سواءٌ ضمن كلُّ واحدٍ منهم جميعَ الدَّين أو جزءًا منه، ولم يبرأ أحدهم (٣) بإبراء الآخَر، لكن لو ضمن كلُّ واحدٍ منهم الجميعَ؛ بَرِئَ الكُلُّ بأداء أحدهم، وبرئوا بإبراء المضمون عنه.

وإن ضمن أحدُ الضَّامِنِينَ الآخَرَ؛ لم يصحَّ؛ لأنَّ الحقَّ ثبت في ذمَّته بضمانه الأصل، فهو أصلٌ، فلا يجوز أن يصير فرعًا، بخلاف الكفالة؛ لأنَّها ببدنه لا بما في ذمَّته، فلو سلَّمه أحدهما؛ برئ، وبرئ كفيلُه به، لا من إحضار مكفولٍ به.

(وَلَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ (٤) عَنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا، فَأَسْلَمَ الْمَضْمُونُ لَهُ، أَوِ الْمَضْمُونُ عَنْهُ؛ بَرِئَ هُوَ وَالضَّامِنُ مَعًا)، إذا أسلم المضمونُ له؛ برئ المضمون عنه؛ لأنَّ ماليَّة الخمر بطلت في حقِّه، فلم يملك مطالبته، والضَّامن؛ لأنَّه تَبَع للأصل، ويَبرآن بإسلام المضمونِ عنه؛ لأنَّه صار مسلِمًا، ولا يجوز وجوبُ خمر على مسلمٍ، والضَّامِنُ فرعُه.

وذكر أبو الخَطَّاب وجهًا: أنَّهما لا يَبرآن؛ لأنَّ المضمونَ له يَملِك الخمرَ، فلا يسقط، كما لو أعاره عبدًا، فرهنه على خمرٍ، ثمَّ أسلم المستعير؛


(١) ينظر: المغني ٤/ ٤٠٩.
(٢) في (ق): الأصيل.
(٣) في (ح): أحد منهم.
(٤) قوله: (لذمي) سقط من (ح).