للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عَنِ الْمَجْهُولِ)، عَيْنًا كان أوْ دَينًا، سواءٌ جَهِلاه أوْ جَهِلَه مَنْ عليه الحقُّ، (بِمَعْلُومٍ)، نَصَّ عليه، بِنَقْدٍ ونَسِيئةٍ، بشرط: (إِذَا كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ)؛ أيْ: يَتَعذَّر عِلْمُه، قال أحمدُ في الرَّجُل يُصالِحُ عن الشَّيء: فإنْ عَلِم أنَّه أكْثر منه لم يَجُزْ إلاَّ أَنْ يُوقِفَه، إلاَّ أن يكونَ مجهولاً لا يُدْرَى (١)؛ لقوله لِرَجُلَينِ اخْتَصَما في مواريثَ دَرَسَتْ بَينَهُما: «اسْتَهِما وتَوَخَّيَا الحقَّ، ولْيُحَلِّلْ (٢) أحدُكما صاحبَه» رواه أحمدُ وأبو داودَ (٣)، ولأِنَّه إسْقاطُ حقٍّ، فصحَّ في المجهول؛ كالعِتاق والطَّلاق؛ (لِلْحَاجَةِ)، ولأِنَّه إذا صالَح مع العلم وإمكان أداء (٤) الحقِّ بعَينه؛ فلَأَنْ يَصِحَّ مع الجهل أَوْلَى، ولو قيل بعدم جوازه؛ لَأفْضَى إلى ضياع الحقِّ، ولا نُسلِّم أنَّه فرعُ البيع، فإنَّ البيعَ يَصِحُّ في المجهول عند الحاجة؛ كأساسات الحائط وطَيِّ البئر.

وظاهره: أنَّه إذا كان الصُّلح بمجهولٍ؛ أنَّه لا يصحُّ؛ لأِنَّ تسليمَه (٥) واجبٌ، والجهالةُ تمنعه.

وإن لم يتعذَّر عِلْمُه؛ فكبراءة من مجهولٍ، وظاهرُ نصوصه: أنَّه لا يَصِحُّ (٦)، وهو ظاهر ما جزم به في «الإرشاد»، وقطع به الشَّيخان


(١) ينظر: مسائل ابن هانئ ٢/ ٥٨.
(٢) في (ق): وليملك.
(٣) أخرجه أحمد (٢٦٧١٧)، وأبو داود (٣٥٨٤)، وإسحاق بن راهويه (١٨٢٣)، وابن الجارود (١٠٠٠)، وأبو يعلى (٦٨٩٧)، والطحاوي (٧٥٥، ٧٥٧)، والحاكم (٧٠٣٤)، من حديث أم سلمة ، وفيه أسامة بن زيد الليثي، وهو صدوق في حفظه شيء، حسن الحديث كما قاله ابن عدي، والحديث صححه ابن الجارود والحاكم وابن الملقن، وحسّنه ابن عبد الهادي والألباني، وأصله في البخاري (٦٩٦٧)، ومسلم (١٧١٣). ينظر: الكامل ٢/ ٧٦، تنقيح التحقيق ٥/ ٧٠، تحفة المحتاج ٢/ ٢٧٦، إرواء الغليل ٥/ ٢٥٢، الصحيحة (٤٥٥).
(٤) في (ق): الأداء.
(٥) في (ح): سلمه.
(٦) ينظر: مسائل ابن هانئ ٢/ ٥٨.