للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَإِنْ صَالَحَ (١) عَنْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ؛ لَمْ يَجُزْ)، قاله أبو الخَطَّاب، سواءٌ كان الغُصْنُ رَطْبًا أو يابِسًا؛ لأِنَّ الرَّطْبَ يزيد ويتغيَّر، واليابِسَ يَنقُصُ، وربما ذهب كلُّه.

وقال القاضي، وجزم به في «الوجيز»: إن كان الأغصانُ رطبةً؛ لم يَجُزِ الصُّلح عنها؛ لزيادتها في كلِّ وقْتٍ، بخلاف اليابسة.

واشترط القاضي في اليابس: أن يكون معتمِدًا على نفس الحائط، فإن كان في الهواء فلا؛ لأنَّه تَبَعٌ للهواء (٢) المجرَّد.

وقال ابن حامدٍ وابن عَقِيلٍ: بجوازه مطلَقًا؛ لأِنَّ الجهالةَ في المصالَح عنه لا يمنع الجواز؛ لكونها لا تمنع التَّسليم، بخلاف العِوَض، فإنَّه يفتقر إلى العلم به لوجوب التَّسليم، وأيَّده في «المغني»، وقال: هو اللاَّئقُ بمذهب أحمد؛ لأِنَّ الحاجةَ داعيةٌ إلى ذلك؛ لكثرتها في الأملاك المتجاوِرة، وفي القَطْع إتْلافٌ وضرَرٌ، والزِّيادةُ المتجدِّدةُ يُعْفَى عنها؛ كالسِّمَن الحادث في المستأجَر للرُّكوب.

(فَإِنِ (٣) اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ لَهُ)؛ أيْ: لِمالِكِ الهواء، (أَوْ بَيْنَهُمَا؛ جَازَ)؛ لأِنَّ الصُّلْح على الثَّمرة أو بعضها أسْهَلُ من القطع.

ونقل المرُّوذِيُّ وإسحاقُ: أنَّ أحمدَ سُئِل عن ذلك فقال: لا أدري (٤)، قال في «المغني»: فيحتمل الصِّحَّة؛ لِما روى مكحولٌ مرفوعًا: «أيُّما شَجرةٍ ظلَّلتْ على قومٍ؛ فهو بالخيار بين (٥) قطع ما ظلَّل أو أكْل ثمرها» (٦).


(١) في (ح): صالحه.
(٢) في (ح): الهواء.
(٣) في (ح): وإن.
(٤) ينظر: المغني ٤/ ٣٦٠.
(٥) في (ق): من.
(٦) أخرجه أحمد (١٦٠٦٧)، وابن عساكر في التاريخ (٣٤/ ١١٢)، والهيثمي في غاية المقصد في زوائد المسند (١٨٦١)، من طريق العلاء بن الحارث، عن مكحول رفعه، وهو ضعيف مرسل.