للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لما رَوى عطاءٌ: «أنَّ ابنَ عمرَ وابنَ عبَّاسٍ كانا يأمران غاسِل الميت بالوضوء» (١)، وكان شائِعًا لم (٢) يُنقَل عنهم الإخْلال به، ولأنَّ الغاسِل لا يسلم من مسِّ عورة الميِّت غالبًا، فأقيم مقامَه؛ كالنَّوم مع الحدَث.

وعنه: لا، اختاره التَّمِيميُّ، وصحَّحه المؤلِّف؛ لما روى الدَّارَقُطْنِيُّ عن ابن عبَّاس: أنَّ النَّبيَّ قال: «ليس عليكم في ميِّتكم غُسْلٌ إذا غسَّلتموه، فإنَّ ميِّتكم ليس بنجِس، فحسبكم - أي: يكفيكم - أن تَغسِلوا أيديَكم» وإسناده جيد (٣)، ولأنَّه الأصل، ولأنَّه ليس بمنصوص عليه، ولا في معناه،


(١) لم نقف على الأثر من طريق عطاء عنهما. وقد ذكره شيخ الإسلام في شرح العمدة ١/ ٣٦٠.
وأثر ابن عمر : رواه عبد الرزاق (٦١٠٧)، والبيهقي في السنن الكبرى (١٤٦٥)، عن ابن عمر قال: «إذا غسلت الميت فأصابك منه أذىً فاغتسل، وإلا إنما يكفيك الوضوء»، وفي إسناده عبدالله بن عمر العمري وهو ضعيف.
وأخرجه عبد الرزاق (٦١٠٦)، وعبد الله بن أحمد في السنة (٦٥٤)، والخلال في السنة (١٣٣٨)، وابن المنذر في الأوسط (٢٩٦٢)، من طرق عن سعيد بن جبير قال: سألت ابن عمر: أغتسل من الميت؟ قال: «أمؤمن هو؟» قلت: أرجو قال: «فتمسح من المؤمن ولا تغتسل منه»، وإسناده صحيح.
وأثر ابن عباس : أخرجه عبد الرزاق (٦١٠١)، ومسدد كما في المطالب العالية (٧٩٧)، وابن المنذر في الأوسط (٢٩٦١)، والبيهقي في السنن الكبرى (١٤٥٩)، من طريق ابن جريج عن عطاء: سئل ابن عباس أعلى من غسل ميتًا غسل؟ قال: «لا، قد إذن نجسوا صاحبهم، ولكن وضوء»، وابن جريج وإن كان مدلسًا إلا أن روايته عن عطاء تحمل على السماع كما في تهذيب التهذيب (٦/ ٤٠٦)، وقد تابعه عمرو بن دينار عند ابن أبي شيبة (١١١٣٤)، وابن المنذر في الأوسط (٢٩٣٣).
قال الإمام أحمد في مسائل عبد الله (ص ٢٢): (روي ذلك عن غير واحد من أصحاب محمد ، وقال شيخ الإسلام: (وهو قول جمهور الصحابة)، ثم قال: (وكان الوضوء شائعًا بينهم، لم يُنقل عنهم الإخلال به). ينظر شرح العمدة ١/ ٣٦١.
(٢) في (و): ولم.
(٣) أخرجه الدارقطني (١٨٣٩)، وفي سنده خالد بن مخلد القطواني، صدوق له مناكير، وعُدَّ هذا من مناكيره، وأخطأ في رفعه، قال البيهقي: (لا يصح رفعه)، وقال ابن عبد الهادي: (حديث منكر)، وحسن إسناده ابن حجر. ينظر: تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي ١/ ٣١٧، البدر المنير ٤/ ٦٥٧، التلخيص الحبير ١/ ٣٧٢.