للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فعُلِم أنَّه باع منافِعَه؛ إذِ المنافِعُ تجري مَجْرَى الأعْيان في صحَّة العَقْد عليها وتحريمِ أخْذِ الزَّكاة، فكذا هُنَا، ولأِنَّ الإجارة عَقْدُ معاوَضةٍ؛ فجاز إجبارُه عليها؛ كبَيْع ماله، وكوقْفٍ وأمِّ ولدٍ اسْتُغْنِيَ عنها.

والثَّانيةُ: لا؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البَقَرَة: ٢٨٠]، ولقوله : «خُذُوا ما وجدتم فليس لكم إلاَّ ذلك» رواه مسلِمٌ (١)، ولأِنَّه تكسُّبٌ للمال، فلم يُجبَر عليه؛ كقَبول هِبةٍ ووصيَّةٍ، وتزويج أمِّ وَلَدٍ، وردِّ مبيعٍ وإمضائه.

وفيه وَجْهٌ: مع الأحظِّ وأخْذ ديةٍ (٢) عن قَوَدٍ.

والأوَّلُ أصحُّ، والآيةُ محمولةٌ على مَنْ لا صَنعةَ له، وادِّعاءُ النَّسخ في الحديث بعيدٌ؛ لأِنَّه يَلزَم ثبوتُه بالاِحْتِمال، بدليلِ أنَّه لم يَثْبُت أنَّ بَيعَ الحُرِّ كان جائزًا في وَقْتٍ في (٣) شَرِيعَتِنا، فتَبَيَّنَ أنَّ المرادَ بِبَيعِه: بَيعُ منافِعِه، مع أنَّه أحسنُ من حمله النَّسخ (٤)، وحينئِذٍ: يبقى الحَجْرُ ببقاء دَينه إلى الوفاء، ولو طلبوا إعادته لِمَا بَقِيَ بعد فكِّ الحاكم لم يُجِبْهم.

(وَلَا يَنْفَكُّ عَنْهُ الْحَجْرُ إِلاَّ بِحُكْمِ حَاكِمٍ)؛ لأِنَّه ثَبَتَ بِحُكْمِه، فلا يَزُولُ إلاَّ


(١) أخرجه مسلم (١٥٥٦) من حديث أبي سعيد الخدري .
(٢) في (ح) و (ق): دينه.
(٣) في (ق): من.
(٤) كذا في النسخ، وصوابها: (حمله على النسخ)، كما في الممتع لابن المنجى ٢/ ٦٤٤.