للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَنَةً حتَّى حَدَّثَنا رافِعُ بنُ خَدِيجٍ: أنَّ النَّبيَّ نَهَى عن المخابَرة» (١)؛ لأِنَّه لا يجوز حَمْلُ حديثِ رافِعٍ على ما يُخالِفُ الإجْماعَ؛ لأِنَّه لم يَزَلْ يُعامِلُ أهلَ خَيبَرَ حتَّى مات، ثُمَّ عَمِل به الخُلَفاءُ، ثم (٢) مَنْ بَعْدَهم، فكيف يُتَصَوَّرُ نَهْيُه عن ذلِكَ.

وقد رَوَى طاوُسٌ: أنَّ أعْلَمَهم - يَعْنِي: ابْنَ عَبَّاسٍ - أخْبَرَ أنَّه لم يَنْهَ (٣) عَنْهُ، وقال: «لأن (٤) يَمْنَحَ أحدُكم أخاهُ أرْضَه؛ خَيرٌ له من أن يأخُذَ عَلَيهِ أجْرًا معلومًا» مُتَّفَقٌ عليه (٥).

ثُمَّ حديثُ رافِعٍ محمولٌ على ما قُلْنا؛ لِمَا رَوَى البُخاريُّ بإسْنادِه قال: «كنَّا (٦) أكثرَ الأنصار حَقْلاً، فكُنَّا نُكْرِي الأرضَ على أنَّ لنا هذِهِ ولَهُم هذِهِ، فربَّما أخْرَجَتْ هذِهِ ولم تُخرِجْ هذِهِ، فنهانا عنه، فأمَّا الوَرِق فلم يَنْهَنا» (٧).

ورُجوعُ ابنِ عُمَرَ يَحتَمِلُ: أنَّه رَجَعَ عن شَيءٍ من المعامَلاتِ الفاسِدةِ، معَ أنَّ فِيهِ اضْطِرابًا، قال الأثْرَمُ: سَمِعتُ أبا عبد الله يُسأَلُ عن حديث رافِعٍ، فقال: يُرْوَى فيه ضُروبٌ، كأنَّه يُريدُ اخْتِلافَ الرِّوايات عنه (٨).

(وَتَصِحُّ) من كلِّ جائز التَّصرُّف، (بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ)؛ لأِنَّها مَوضُوعُها حقيقةً، (وَالْمُعَامَلَةِ)؛ لِقَوله: «عامَلَ أهلَ خَيبَرَ»، (وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا)؛ كَ: فَالَحْتُكَ، و: اعْمَلْ في بُسْتانِي هذا حتَّى تَكمُلَ ثَمَرَتُه؛ لأِنَّ القَصْدَ


(١) أخرجه بنحوه مسلم (١٥٤٧).
(٢) قوله: (ثم) سقط من (ح).
(٣) في (ح): لم ينهه.
(٤) في (ح): لا.
(٥) أخرجه البخاري (٢٣٣٠، ٢٣٤٢)، ومسلم (١٥٥٠).
(٦) قوله: (كنا) سقط من (ح).
(٧) أخرجه البخاري (٢٧٢٢)، ومسلم (١٥٤٧)، واللَّفظ لمسلم.
(٨) ينظر: مسائل عبد الله ص ٤٠٥، المغني ٥/ ٢٩٠.