للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأِنَّ الأصْلَ المعوَّلَ عَلَيهِ في المزارَعة: قَضِيَّةُ خَيبَرَ، ولم يَذْكُرِ النَّبيُّ أنَّ البَذْرَ على المسْلِمِينَ.

(وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: اشْتِرَاطُهُ)، نَصَّ عَلَيهِ في روايةِ جماعةٍ (١)، واختاره الخرقي وعامَّةُ الأصْحاب (٢)؛ لأِنَّهما يَشْتَرِكانِ في نَمائه، فَوَجَبَ أنْ يكونَ رأسُ المال من أحَدِهما؛ كالمضارَبة.

ورُدَّ: بأنَّه قِياسٌ في مقابَلةِ نَصٍّ، ثُمَّ هو مَنْقُوضٌ بِمَا إذا اشْتَرَكَ مالانِ وبَدَن أحدِهما.

تنبيهٌ: إذا كان البَذْرُ بَينَهما نِصفَينِ، وشَرَطَا المناصَفة في الزَّرع؛ فهو بَينَهما، سَواءٌ قِيلَ بِصِحَّة المزارَعة أو فَسادِها، فإنْ حُكِمَ بِصِحَّتِها؛ لم يَرْجِعْ أحدُهما على الآخَرِ بشَيءٍ، وإنْ حَكَمْنا بفَسادها: فَعَلَى العامِلِ نِصْفُ أجْرِ الأرض، وله على ربِّها نِصْفُ أجْرِ عَمَلِه، فَيَتَقَاصَّانِ بِقَدْرِ الأقلِّ مِنْهما، ويَرجِعُ أحدُهما على الآخَر بالفَضْل.

وإنْ شَرَطا التَّفاضُل في الزَّرْع؛ فظاهِرٌ على الصِّحَّة، وعلى الفساد: الزَّرْعُ بَينَهما على قَدْر البَذْر، ويَتَراجَعان كما ذَكَرْنا.

(وَإِنْ (٣) شَرَطَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَ بَذْرِهِ وَيَقْتَسِمَا الْبَاقِيَ)؛ لم يَصِحَّ، كأنَّه اشْتَرَط لنفسه قُفْزانًا مَعْلُومةً، وهو شَرْطٌ فاسِدٌ تَفْسُد به المزارَعة؛ لأِنَّ الأرضَ لم تُخرِج إلاَّ ذلك القَدْرَ، فيَخْتَصُّ به المالِكُ، وربَّما لا تُخْرِجُه، ومَوضُوعُها على الاِشْتِراكِ.

(أَوْ شَرَطَا لِأًحَدِهِمَا قُفْزَانًا مَعْلُومَةً)؛ لِمَا ذَكَرْنا، (أَوْ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً)؛ لأِنَّه


(١) ينظر: مسائل صالح ١/ ٢٠٩، مسائل ابن منصور ٦/ ٢٦٦٧، مسائل عبد الله ص ٢٠٤، مسائل أبي داود ص ٢٧٢.
(٢) في (ق) و (ظ): واختاره عامة الأصحاب.
(٣) في (ق): فإن.