للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العِوَضُ عَينًا؛ جازَ أنْ يكونَ مَنْفَعَةً، سَواءً كان الجِنْسُ واحِدًا كالأوَّل، أو مُخْتَلِفًا كالثَّانِي.

ومَنَعَها أبُو حَنِيفةَ في المتَّفِقِ دُونَ المخْتَلِف (١)، كسُكْنَى دَارٍ بِمَنْفَعَةِ بَهِيمةٍ؛ لأِنَّ الجِنْسَ الواحِدَ عِنْدَه يَحرُم فيه النَّساءُ.

وجَوابُه: بِأنَّ المنافِعَ في الإجارة لَيسَتْ في تَقْدِير النَّسِيئة، ولو كانَتْ نَسِيئَةً ما جاز في جِنْسَيْنِ؛ لأِنَّه يكونُ بَيعُ دَينٍ بِدَينٍ، قالَهُ في «المغْنِي» و «الشَّرح».

(وَتَجُوزُ إِجَارَةُ الْحُلِيِّ) لِلُّبْس والعارِية، نَصَّ عليه (٢)، وقالَهُ أكْثَرُ العُلَماء، (بِأُجْرَةٍ مِنْ جِنْسِهِ)؛ لأِنَّ الحُلِيَّ عَيْنٌ يُنْتَفَعُ بِها مَنْفَعَةً مُباحَةً مَقْصودَةً معَ بَقائِها، فَجازَ كالأراضِي.

(وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ (٣)؛ لأِنَّها تَحْتَكُّ بالاِسْتِعْمال، فيَذْهَبُ منه أجزاءٌ وإنْ كانَتْ يَسِيرةً، فيَحصُلُ الأجر في مقابَلَتها، ومُقابَلة الاِنْتِفاع بها يُفْضِي إلى بَيعِ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ وشَيءٍ آخَرَ.

وعنه: الوَقْفُ، قال القاضِي: هذا مَحْمُولٌ على إجارته بأُجْرةٍ من جِنْسه، فأمَّا بغَيرِ جِنسه؛ فلا بَأْسَ؛ لِتَصْرِيحِه بِجَوازِه.

وما ذَكَرَه أوَّلاً هو الأَوْلى؛ لأنَّه لو قُدِّر نَقْصُها؛ فهو شَيءٌ يسيرٌ لا يُقابَل بِعِوَضٍ، ولا يَكادُ يَظْهَرُ في وَزْنٍ، ولو ظَهَرَ؛ فالأجرة (٤) في مُقابَلة الاِنْتِفاع لا في مُقابَلة الأجزاء (٥)؛ لأِنَّ الأجر (٦) إنَّما هو عِوَضُ المنْفَعة، ولو كان في


(١) ينظر: الأصل للشيباني ٣/ ٤٧٠.
(٢) ينظر: المغني ٥/ ٤٠٣.
(٣) في (ظ) و (ح): لا يصح.
(٤) في (ح): فلا أجرة.
(٥) في (ظ) و (ق): الأجر.
(٦) في (ح): الأجزاء.