للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مُقابَلة الجُزْء الذاهب (١) لَمَا جازَ إجارةُ أحَدِ النَّقْدَينِ بالآخَرِ؛ لِإفْضائه إلى التَّفرُّق قَبْلَ القَبْضِ.

تنبيهٌ: عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ: أنَّه لَوِ اسْتَأْجَر مَنْ يَسْلُخُ له بهيمةً بجِلْدها؛ لم يَجُزْ؛ لأِنَّه لا يُعلَمُ هل يَخرُج سليمًا أوْ لَا، وهل هو ثَخِينٌ أو رَقِيقٌ، ولأِنَّه لا يجوز أن يكونَ عِوَضًا في البَيع، فكذا هُنَا، فلو (٢) سَلَخَها بذلك؛ فله أجْرُ المِثْل.

وكذا لو اسْتَأْجَرَ راعِيًا بثُلُثِ دَرِّها ونَسْلِها وصُوفِها، أو جميعِه، نَصَّ عليه في رواية سعيدِ بنِ محمَّدٍ النَّسائِيِّ (٣)؛ إذ العِوَضُ مَعْدومٌ مَجْهولٌ لا يُدْرَى هل يُوجَدُ أمْ لَا، ولا يَصْلُح ثَمَنًا.

لا يُقال: قد جَوَّزْتُمْ دَفْعَ الدَّابَّةِ إلى مَنْ يَعْمَلُ عليها بِجُزْءٍ مِنْ مَغَلِّها؛ لأِنَّه إنَّما جاز تشبيهًا (٤) بالمضارَبة؛ لأِنَّها عَينٌ تُنَمَّى بالعَمَلِ، فجَازَ، بخِلافه هُنا، مع أنَّ المجْدَ حَكَى روايةً بالجَواز، وحِينَئِذٍ فلا فَرْقَ.

وقِياسُ ذلك لَوْ دَفَعَ نَحْلَه إلى مَنْ يَقومُ عليه بجُزْءٍ مِنْ عَسَلِه أوْ شَمْعِه، والمذْهَبُ: لا يَصِحُّ؛ لِحُصولِ نَمائه بغَيرِ عَمَلِه، واخْتار الشَّيخُ تقيُّ الدِّين: الجَوازَ.

فلَوِ اكْتَرَاهُ على رَعْيِها مُدَّةً مَعْلومةً بِجُزْءٍ مَعْلومٍ مِنْها؛ صَحَّ؛ لأِنَّ العَمَلَ والمُدَّةَ والأجْرَ مَعْلُومٌ، أشْبَهَ ما لَوْ جَعَلَه دَراهِمَ.


(١) في (ح): الذهب.
(٢) في (ح): فله.
(٣) ينظر: المغني ٥/ ٣٢٨، الشرح الكبير ١٤/ ٣٩٦، وفيهما أن اسمه: جعفر بن محمد النسائي.
وهو: جعفر بن محمد النسائي الشقراني الشعراني، أبو محمد، قال الخلال: رفيع القدر، ورعٌ، أمَّارٌ بالمعروف نهاء عن المنكر، وكان أبو عبد الله يكرمه ويقدمه ويأنس به، روى عن أبي عبد الله أجزاء صالحة ومسائل كثيرة. ينظر: طبقات الحنابلة ١/ ١٢٤.
(٤) في (ح): مشبهًا.