للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَلَا تَصِحُّ (١) إِلاَّ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ):

(أَحَدُهَا: أَنْ يَعْقِدَ عَلَى نَفْعِ الْعَيْنِ دُونَ أَجْزَائِهَا)؛ لأِنَّ الإجارةَ هي بَيعُ المنافِعِ، فلا تَدخُلُ الأجْزاءُ فِيهَا، (فَلَا تَصِحُّ (٢) إِجَارَةُ الطَّعَامِ لِلْأَكْلِ، وَلَا الشَّمْعِ لِيُشْعِلَهُ)؛ لأِنَّ هذا لا يُنْتَفَعُ به إلاَّ بإتْلافِ عَينِه؛ فلم يَجُزْ، كما لو اسْتَأْجَرَ دِينارًا لِيُنْفِقَه، فلو اكْتَرَى شَمْعَةً لِيُسْرِجَهَا ويَرُدَّ بَقِيَّتَها وثَمَنَ ما ذَهَبَ وأجْرَ (٣) الباقِي؛ فهو فاسِدٌ؛ لأِنَّه يَشْمَلُ بَيعًا وإجارةً، وما وَقَعَ عليه عَقْدُ البَيعِ مجْهولٌ، وحَيْثُ جُهِلَ؛ جُهِلَ الآخَرانِ.

(وَلَا حَيَوَانٍ لِيَأْخُذَ لَبَنَهُ)؛ كالإبِلِ ونحوِها، وأخْذُ الصُّوف، والشَّعر، والوَبَر: كاللَّبَن، وجَوَّزَ الشَّيخُ تقِيُّ الِّدينِ إجارةَ الحَيَوَانِ لأِخْذِ لَبَنِه (٤).

فإنْ قام عليها المسْتَأْجِرُ وعَلَفَهَا؛ فكاسْتِئْجار الشَّجَر، وإنْ عَلَفَها ربُّها وأَخَذَ المشْتَرِي اللَّبَنَ؛ فبَيعٌ، ولَيْسَ هذا بِغرَرٍ، فإنَّه كمَنِيحةِ (٥) الشَّارِعِ، وهو عارِيَتُها لِلاِنْتِفاع بلَبَنِها، كما يُعِيرُه الدَّابَّة لِرُكوبِها؛ لأِنَّ هذا يَحْدُثُ شَيئًا فَشَيئًا، فهو بالمنافِع أشْبَهُ، فإلْحَاقُه بها أَوْلَى.

(إِلاَّ فِي الظِّئْرِ)؛ فإنَّهُ يَجُوزُ، وقد تقدَّمَ، (وَنَقْعِ الْبِئْرِ)؛ أيْ: ماؤُهَا المسْتَنْقِعُ فيها، قالَهُ ابْنُ فارِسٍ (٦)، وعبَّر في «المبهج» وغيره: وماء بِئْرٍ، (فَإِنَّهُ يَدْخُلُ تَبَعًا)، هو عائدٌ إلى الأخير (٧) لِإفْراده الضّمِيرَ، ولا يَصِحُّ عَوْدُه إلى


(١) في (ق): ولا يصح.
(٢) في (ح): فلا يجوز، وفي (ق): فلا يصح.
(٣) في (ق): وأجزاء.
(٤) ينظر: مجموع الفتاوى ٢٠/ ٥٥١.
(٥) في (ق): لمبيحه.
(٦) ينظر: مقاييس اللغة ٥/ ٤٧٢.
(٧) في (ظ) و (ح): الأجير.