للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الظِّئْر؛ لأِنَّ المعْقُودَ عليه إنْ كان الخِدْمةَ؛ فلا يَصِحُّ استثناؤها (١) مِمَّا ذُكِرَ؛ لأِنَّها لَيستْ من جِنْس المسْتَثْنَى منه؛ لأِنَّ خِدْمةَ المرْضِعَةِ نَفْعٌ (٢) معَ بَقاءِ العَينِ، وإن كانَ اللَّبَنَ، فلا يَصِحُّ قَولُه: (يَدخُلُ تَبَعًا)؛ لأِنَّه مَعْقُودٌ عليه، فهو أصْلٌ لا تَبَعٌ، بخِلافِ نَقْعِ البِئْر، فإنَّ هَواءَ البِئْر وعُمْقَه فيه نَوعُ انْتِفاعٍ لِمرُورِ الدَّلْوِ فيه، وفي «التَّبصِرَة» يعود ذلك إلَيهِما، انْتَهَى.

وكذا حِبْرُ ناسِخٍ، وخُيُوطُ خَيَّاطٍ، وكُحْلُ كَحَّالٍ، ومَرْهَمُ طَبِيبٍ، ومَنَعَه في «المغْني».

قال ابْنُ عَقِيلٍ: يَجُوزُ اسْتِئْجارُ البِئْر ليستقي (٣) منه أيَّامًا مَعْلومةً، وفي «الفُصول»: أنَّه لا يُسْتَحَقُّ بالإجارة؛ لأِنَّه إنَّما يُمْلَكُ بحِيازتِه.

تَنْبِيهٌ: ذَهَبَ جُمْهورُ العُلَماء: أنَّه لا يَجُوزُ إجارةُ الفَحْل للضراب (٤)؛ «لِنَهْيِه عن عَسْبِ الفَحْل» متَّفَقٌ عليه (٥)، ولأِنَّ المقْصودَ الماءُ، وهو مُحرَّمٌ لا قِيمةَ له، فلم يَجُزْ أخْذُ العِوَض عنه؛ كالميتة.

وخرَّج أبو الخَطَّاب وجْهًا بجَوازه؛ بِناءً على إجارَةِ الظِّئْر والبِئْرِ؛ لأِنَّ الحاجَةَ تَدْعُو إلَيهِ، فيَنْبَغِي أنْ يُوقَعَ العَقْدُ على العمل، ويُقدِّره (٦) بمَرَّةٍ أوْ مَرَّتَينِ.


(١) في (ح): استيفاؤها.
(٢) في (ق): تقع.
(٣) في (ظ): ليسقي.
(٤) في (ح): للضرب.
(٥) أخرجه البخاري (٢٢٨٤) بهذا اللَّفظ من حديث ابن عمر ، وانفرد به البخاريُّ كما قاله ابن عبد الهادي، وهو كذلك كما في تحفة الأشراف، وأخرج مسلم (١٥٦٥)، من حديث جابر بن عبد الله ، بلفظ: «نهَى عن بيعِ ضراب الجمل». ينظر: تحفة الأشراف ٦/ ١٨٨، تنقيح التحقيق ٤/ ١٠٢.
(٦) في (ق): ونقدره.