للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أخْذُ الأُجْرة، كما لو اسْتأْجَر قَومًا يُصلُّونَ خَلْفَه.

(وَعَنْهُ: يَصِحُّ)؛ لأِنَّه « زوَّجَ رجُلاً بما معه من القرآن» متَّفَقٌ عليه (١)، فإذا جاز تعليمُ القرآن عوضًا (٢) في النِّكاح، وقام مَقامَ المهْر؛ جازَ أخْذُ الأجرة (٣) عليه، ولِحديثِ أبِي سَعِيدٍ في الرُّقْيةِ (٤)، ولأِنَّه يَجُوز أخْذُ الرزق (٥) عَلَيهِ من بَيتِ المال؛ فجَازَ أخْذُ الأجرة (٦) عَلَيهِ؛ كبِناءِ المساجِد، مع أنَّ الحاجةَ داعيةٌ إلى الاِسْتِنابة في الحجِّ وغيرِه، وكمَنْ أعْطَى بلا شَرْطٍ، نَصَّ عليه (٧)، وكَجعالةٍ، وفيها وَجْهانِ.

وفي «المنتخب»: الجُعْل في حجٍّ كأُجْرةٍ.

والأوَّلُ أصحُّ؛ لأِنَّ تعليمَ القُرآن وجَعْلَه صَداقًا فيه عنه اخْتِلافٌ، ولَيْسَ في الخَبَر تصريحٌ به، فيَحْتَمِلُ أنَّه زوَّجه بغَيرِ صَداقٍ؛ إكْرامًا له، كما زوَّج أبا طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيمٍ على إسْلامه (٨)، ولو سُلِّم جوازُه؛ فالفَرْقُ بَينَ المهر والأجْر: أنَّ المهْرَ لَيْسَ بِعِوَضٍ مَحْضٍ؛ لأِنَّه يَجُوزُ خُلُوُّ العَقْد عن تَسْمِيته، ويَصِحُّ مع


(١) أخرجه البخاري (٥٠٨٧)، ومسلم (١٤٢٥) من حديث سهل بن سعد الساعدي في حديث طويل.
(٢) قوله: (عوضًا) سقط من (ح).
(٣) في (ظ): الأجر.
(٤) أخرجه البخاري (٢٢٧٦)، ومسلم (٢٢٠١).
(٥) في (ح): الأجرة.
(٦) في (ق): الأجر.
(٧) ينظر: مسائل أبي داود ص ٢٦٤، المغني ٥/ ٤١٢.
(٨) أخرجه النسائي في الكبرى (٥٤٧٨)، والبزار (٦٤٤٨)، والطحاوي في المعاني (٤٢٩٤)، والطبراني في الكبير (٤٦٧٨)، والحاكم (٢٧٣٥)، عن أنس : «أن أبا طلحة أتى أم سليم يخطبها قبل أن يسلم، فقالت له: أتزوج بك وأنت تعبد خشبة نجرها عبدي فلان! إن أسلمت تزوجت بك، قال: فأسلم أبو طلحة فتزوجها على إسلامه»، وصححه الحاكم، وقال ابن حجر: (إسناده حسن). ينظر: الفتح ١٠/ ٤٦٠