للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أن يغتسل بماءٍ وسِدْرٍ» رواه أحمد، والتِّرمذي وحسَّنه (١)، ولأنَّه لا يَسلم غالبًا من جنابة، فأقيمت المظنَّة مقام الحقيقة؛ كالنَّوم والتقاء الختانين، ولأنَّ المرتدَّ مساوٍ للأصليِّ في المعْنى، وهو الإسلام، فوجب.

وظاهره: لا فرق بين أن يغتسل قبل إسلامه، وبين من أجنب أوْ لا؛ لأنَّه لم يستفصل، ولو اختلف الحال لوجب الاستفصال.

ولا فرق فيه بين البالِغ وغيره في ظاهر كلام الأكثر، وقيَّده ابن حمدان بالبالغ، ومقتضى ما ذكروه أنَّ الغُسل شرطٌ لصحَّة الصَّلاة، فيصير بمنزلة وطء الصبي.

(وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا غُسْلَ عَلَيْهِ)، وحُكي في «الكافي» رواية، فعلى هذا (٢): يُستحبُّ الغُسل، وليس بواجب.

قال في «المغني» وغيره: إلَّا أن يكون وُجد منه سبَبُه قبلَ إسلامه؛ كجنابة؛ فيلزمه حينئذ، سواء اغتسل في كفرِه أو لَا؛ لأنَّه لم يأمر به في حديث معاذ حين بعثه إلى اليمن (٣)، ولو كان واجبًا لأمر به كغيره؛ إذ هو أوَّل الواجبات بعد الإسلام ويقع كثيرًا، وتتوفَّر الدَّواعي على نقله، ولو وقع لَنُقل، وحديث أبي هريرة في إسناده مقالٌ، ويحمل على الاستحباب؛ لحديث قيس؛ بقرينة السِّدْر.

وأجيب: بأنَّ حديث معاذ إنَّما ذكر فيه (٤) أصول الإسلام لا شرائطها.

فعلى هذا؛ الأشهر: لو أجنب في كفره ثمَّ أسلم؛ تداخلا.


(١) أخرجه أحمد (٢٠٦١١)، والترمذي (٦٠٥)، وابن خزيمة (٢٠٥)، وابن حبان (١٢٤٠)، وصححه جماعة من الأئمة منهم: ابن خزيمة وابن حبان وابن السكن وغيرهم. ينظر: البدر المنير ٤/ ٦٦١، الإرواء ١/ ١٦٤.
(٢) قوله: (هذا) سقط من (و).
(٣) أخرجه البخاري (١٣٩٥)، ومسلم (١٩).
(٤) في (و): في.