للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَلَوْ كان فِيهم حِذْقُ الصَّنْعَة، وجَنَتْ أيْدِيهِم؛ بأنْ تَجاوَزَ الختَّانُ إلى بَعْض الحَشَفَة، أوْ تَجاوَزَ الطَّبِيبُ بقَطْع السِّلْعَةِ مَوضِعَها، أو بآلةٍ كالَّةٍ يَكْثُرُ ألَمُها؛ وجَبَتْ؛ لأِنَّ الإتْلافَ لا يختلف (١) ضَمانُه بالعَمْد والخَطَأ، وكما لو قَطَعَه ابْتِداءً.

وحَكَى ابنُ أبي موسَى: إذا ماتَتْ طِفْلةٌ من الخِتان؛ فدِيَتُها على عاقلة خاتِنَتِها، قَضَى به عمرُ بنُ الخَطَّاب (٢)، وأنَّه لو استأجر لِحَلْقِ رُؤُوسٍ يَومًا، فجَنَى عليها بجِراحةٍ؛ لا يَضْمن؛ كجِنايته في قِصارةٍ ونحوِها.

ويُعْتَبَرُ لِعَدَم الضَّمان في ذلك: إذْنُ مُكَلَّفٍ أَوْ وَلِيٍّ، وإلاَّ ضَمِنَ، واخْتارَ في «الهَدْيِ» لا يَضْمَنُ؛ لأِنَّه مُحْسِنٌ.

(وَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاعِي إِذَا لَمْ يَتَعَدَّ)، بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه إلاَّ ما رُوِيَ عن الشَّعْبِيِّ (٣)، فلَوْ جاء بجِلْدِ شاةٍ، وقال: هذا جِلْدُ شاتِكَ؛ قُبِل قَولُه.

وعنه: لا.

والصَّحيحُ الأوَّلُ؛ لأِنَّه مُؤْتَمَنٌ على الحِفْظ، أشْبَهَ المودَعَ، ولأِنَّها عَينٌ قُبِضَتْ بحُكْمِ الإجارة، أشْبَهَت العَينَ المسْتَأْجَرةَ.

واقْتَضَى ذلك: أنَّ ما تَلِفَ بِتَعَدِّيهِ أنَّه ضامِنٌ له بغَيرِ خِلافٍ (٤)، وجَوازُ


(١) في (ح): لا يجب.
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٨٠٤٥)، وابن أبي شيبة (٢٧٦٠٠)، عن أبي قلابة، عن أبي المليح: أن ختَّانة بالمدينة ختنت جارية فماتت، فقال لها عمر: «ألا أبقيت كذا، وجعل ديتها على عاقلتها»، وهذا مرسل، أبو المليح لم يدرك عمر. وأخرجه ابن أبي شيبة (٢٧٦٠١)، من مرسل أبي قلابة. لم يذكر فيه أبا المليح.
(٣) ينظر: المغني ٥/ ٤٠٢.
(٤) ينظر: المغني ٥/ ٤٠٢.