للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لِتَقِفَ، وفي «الشَّرح»: يَحُثُّها به على السير (١) لِتَلْحَقَ القافِلةَ، ويُقالُ بالخاء المعْجَمَة، (أَوِ الرَّائِضُ الدَّابَّةَ)، أي: مُعَلِّمُها؛ (لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهِ)؛ لأِنَّه تَلِفَ مِنْ فِعْلٍ مُسْتَحَقٍّ، فلم يَضْمَناهُ، كما لو تَلِفَتْ تَحْتَ الحَمْل.

وظاهِرُه: أنَّه يَجِبُ الضَّمانُ إذا زاد على العادة، وصرَّح به في «الكافي»؛ لأِنَّه جِنايَةٌ على ملْكِ الغَيرِ، فَوَجَبَ الضَّمانُ؛ كالغاصِبِ.

وقد اقْتَضَى ذلك: جَوازُ ضَرْبِ المسْتَأْجِرِ الدَّابَّةَ لِلاِسْتِصْلاح؛ لأِنَّه « نَخَسَ بَعيرَ جابِرٍ وضَرَبَه» (٢)، و «كان أبو بَكْرٍ يَنخُس بَعِيرَه بِمِحْجَنه» (٣).

فلو اكْتَراها، وتَرَكَها في اصْطَبْله، فماتَتْ؛ فهَدَرٌ، وإنْ سَقَطَ عَلَيها؛ ضَمِنَها.

تنبيهٌ: العَينُ المؤْجَرَةُ أمانَةٌ في يَدِ مُسْتَأْجِرِها، إنْ تَلِفَتْ بغَيرِ تَفْرِيطٍ؛ لم يَضْمَنْها، ولا فَرْقَ بَينَ الإجارةِ الصَّحِيحةِ والفاسِدَةِ.

فإذا انْقَضَتِ المدَّةُ؛ رَفَعَ يَدَهُ عَنْهَا، ولم يَلْزَمْهُ الرَّدُّ، أَوْمَأَ إلَيهِ في رِوايةِ ابْنِ مَنْصورٍ (٤)؛ لأِنَّه لو وَجَبَ ضَمانُها؛ لَوَجَبَ ردُّها؛ كالعارِيةِ، وحِينَئِذٍ تَبْقَى في


(١) في (ح): اليسير.
(٢) أخرجه مسلم (٧١٥)، من حديث جابر بن عبد الله .
(٣) أخرجه الشافعي في الملحق بالأم (٢/ ٢٣٤)، وابن أبي شيبة (١٣٨٨٣)، وأحمد كما في العلل لابنه (٢/ ١٥٢)، والطبري في التفسير (٣/ ٥٢٢)، والبيهقي في الكبرى (٩٥٢٢)، عن سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر، سمع سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع يخبر عن جويبر بن الحويرث، سمع أبا بكر وهو واقف على قُزَح وهو يقول: «يا أيها الناس، أصبحوا أصبحوا»، ثم دفع، فكأني أنظر إلى فخِذَه قد انكشف مما يحرش بعيره بمِحْجَنه. وقد غلَّط الأئمةُ ابنَ عيينة في قوله: (سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع)، قال الإمام أحمد: (إنما هو عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع)، وكذا قال ابن سعد والدارقطني، فيكون منقطعًا، قال البخاري والترمذي: (محمد بن المنكدر لم يسمع من عبد الرحمن بن يربوع). ينظر: طبقات ابن سعد ٥/ ٥، سنن الترمذي ٣/ ١٨٠، علل الدارقطني: ١/ ٢٧٢، السنن الكبرى للبيهقي ٥/ ٦٦.
(٤) جاء في مسائل ابن منصور ٦/ ٣٠١٥: (قلت: قال سفيان: إذا أكرى رجل دابة، أو أعار، أو استودع شيئًا، فعلى الذي أكرى، أو أعار، أو استودع أن يأخذه من عنده، وليس عليه أن يحمله إليه. قال أحمد: من استعار شيئًا، فعليه أن يرده من حيث أخذه). وينظر: المغني ٥/ ٣٩٦.