للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ غَرَسَ أَوْ بَنَى بَعْدَ الرُّجُوعِ، أَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ؛ فَهُوَ غَاصِبٌ)؛ لأِنَّه تَصرُّفٌ بغَيرِ إذْن المالِكِ، وعِبارةُ «الوجيز»: وفِعْلُه بَعْدَ المنْعِ أو المدَّة غَصْبٌ، وهي أعمُّ، (يَأْتِي حُكْمُهُ) في الغَصْبِ.

مسألةٌ: اسْتَعارَ دابَّةً إلى مَوضِعٍ فجاوَزَه؛ فقد تَعَدَّى، وعليه أجْرُ المثْلِ للزَّائد خاصَّةً.

فإنْ قال مالِكُها: أَعَرْتُكَها إلى فَرْسَخٍ، فقال: إلى فَرسَخَينِ؛ قُدِّمَ قَولُ المالِكَ.

(وَإِنْ حَمَلَ السَّيْلُ بَذْرًا إِلَى أَرْضٍ فَنَبَتَ فِيهَا؛ فَهُوَ لِصَاحِبِهِ)؛ لأِنَّه نَماء ملْكِه، ولا يُجْبَرُ على قَلْعِه، فإنْ أَحَبَّ قَلْعَه فله ذلِكَ، وعَلَيهِ تَسْويةُ الحُفر وما نَقَصَت؛ لأِنَّه أدْخَلَ النَّقْصَ على ملْكِ غَيرِه لاِسْتِصْلاح ملكِه (مُبَقًّى إِلَى الْحَصَادِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ)، جَزَمَ به في «الوجيز»، وهو الأَوْلَى؛ لأِنَّ إلْزامَه تَبْقِيَةَ زَرْعِ ما أُذِنَ فِيهِ في أرْضِه بغَيرِ أُجْرةٍ إضْرارٌ به، فَوَجَبَ عَلَيهِ أجْرُ المِثْل، كما لو انْقَضَتْ مُدَّةُ الإجارةِ وفِيها زَرْعٌ لم يُفرِّطْ في زَرْعِه.

(وَقَالَ الْقَاضِي: لَا أُجْرَةَ (١) لَهُ)؛ لأِنَّه حَصَلَ فِيهَا بغَيرِ تَفْريطه، أشْبهَ بيتوتَةَ الدَّابَّة في ملْكِ غَيرِه بغَير تَفْريطِه.

(وَيَحْتَمِلُ: أَنَّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَخْذَهُ بِقِيمَتِهِ)؛ كزَرْعِ الغاصِبِ، فَقِيلَ: بَذْرًا، وقِيلَ: بقِيمتِه إذَنْ.

ورُدَّ: بأنَّه حَصَلَ فِيهَا بغَيرِ عُدْوانٍ، وقد أمْكَنَ جَبْرُ حقِّ المالِكِ بدَفْع الأجْرِ إلَيهِ.

والسَّاقِطُ لِربِّ الأرض إذا نَبَتَ فِيها، سَواءٌ كان مالِكًا، أوْ مُسْتَعِيرًا، أوْ مُسْتَأْجِرًا، وقِيلَ: له حُكْمُ العارِيةِ، وفي أُجْرَتِها وجْهانِ.


(١) قوله: (لا أجرة) في (ح): لأجرة.