للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنْ كان سَبَبًا من السَّماء لم يكُنْ عليه شَيءٌ (١)، فظاهِرُ هذا: أنَّها لا تُضمَنُ بالغَصْب؛ لأِنَّه لا يُوجَدُ فيها النَّقْلُ والتَّحْوِيلُ؛ فلم يُضْمَنْ، كما لو حال بَينَه وبَينَ متاعه فتَلِفَ، ولأِنَّ الغَصْبَ إثْباتُ اليَدِ على المال عُدْوانًا على وَجْهٍ تَزُولُ (٢) به يَدُ المالِكِ، ولا يُمكِنُ ذلِكَ في العَقارِ.

وجَوابُه: بأنَّه يُمكِنُ الاِسْتِيلاءُ عليه على وجْهٍ يَحُولُ بَينَه وبَينَ مالِكِه، مِثْلَ أن يَسْكُنَ دارًا، ويَمْنَعَ مالِكَها من دُخُولِها، أشْبَهَ أخْذَ الدَّابَّةِ والمتاعِ.

وعلى الثَّانية: لو أتْلَفَه ضَمِنَه بالإتْلاف.

مسألةٌ: لو دَخَلَ دارًا قَهْرًا وأخْرجَهُ؛ فغَاصِبٌ، وإنْ أخْرَجَه قَهْرًا ولم يَدخُل، أوْ دَخَلَ مع حُضُورِ ربِّها وقُوَّته؛ فلا، وإن دخل قَهْرًا ولم يُخرِجْه؛ فقد غَصَب ما اسْتَوْلى عَلَيهِ، وقِيلَ: بَلِ النِّصف، وإن لم يُرِد الغَصْب فلا، وإنْ دَخَلَها قَهْرًا في غَيبة ربِّها؛ فغاصِبٌ، ولو كان فِيهَا قُماشُه.

وهل يشترط (٣) في غَصْبِ ما يُنْقَلُ؛ نَقْلُه؟ فِيهِ وجْهانِ، الأصحُّ: أنَّه لا يُشْتَرَطُ.

(وَإِنْ غَصَبَ كَلْبًا فِيهِ نَفْعٌ)؛ أيْ: يُقْتَنَى، (أَوْ خَمْرَ ذِمِّيٍّ؛ لَزِمَهُ رَدُّهُ)؛ لأِنَّ الكلبَ يجوز الاِنتِفاعُ به واقتناؤه، أشْبَهَ سائرَ الأبدال المنْتَفَع بها.

وفي ردِّه صَيْدَه، أو أُجْرتَه، أو هُما؛ أوْجُهٌ.

وأمَّا الخمرُ؛ فلأنَّ الذِّمِّيَّ يُقَرُّ على شربها؛ لكونها مالاً عِندَه، ومحلُّه: ما إذا كانت مستورةً، قالَهُ في «الرِّعاية» و «الفروع».

(وَإِنْ أَتْلَفَهُ؛ لَمْ تَلْزَمْهُ (٤) قِيمَتُهُ)؛ لأِنَّ الكلبَ لَيسَ له عِوَضٌ شَرْعِيٌّ؛ لأِنَّه


(١) ينظر: مسائل ابن منصور ٦/ ٢٦٨٧.
(٢) في (ظ): يزول.
(٣) في (ح): يشترطا.
(٤) في (ق): لم يلزمه.