للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الغاصِبِ على قُرْبٍ من الزَّمانِ، فلم يَجُزْ إتْلافُه، كما لو غَصَبَ سَفِينةً، فَحَمَلَ فِيهَا متاعَه، فأدْخَلَها لُجَّةَ البحر؛ لا يُجْبَرُ على إلْقائِهِ، فكذا هُنا؛ صِيانَةً للمال عن التَّلَفِ.

وفارَقَ الشَّجَرَ؛ لِطُولِ مُدَّتِه، وحَديثُهم محمولٌ عَلَيهِ، وحَدِيثُنا على الزَّرع، وبه يُجمَعُ (١) بَينَهما، ولأِنَّه زَرعٌ حَصَلَ في ملْكِ غَيرِه، فلم يُجبَرْ على قَلْعِه على وَجْهٍ يَضُرُّ به، كما لو كانت الأرضُ مُسْتَعارَةً أوْ مَشْفوعةً.

(وَهَلْ ذَلِكَ قَيمَتُهُ أَوْ نَفَقَتُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ):

أحَدُهُما: أنَّ ذلِكَ قِيمتُه، صحَّحه القاضِي في «تعليقه»؛ لأِنَّه بَدَلٌ عن الزَّرْع، فيُقدَّرُ بِقِيمَتِهِ، كما لو أتْلَفَه، وعليه: يَجِبُ على الغاصب أجْرُ الأرض إلى حِينِ تَسْلِيم ذلك، وذَكَرَ أبو يَعْلَى الصَّغيرُ: لَا، نَقَلَهُ إبْراهِيمُ بنُ الحارِثِ (٢).

والثَّانِي: هي نَفَقَتُه، فَعَلَى هذا: يَرُدُّ على الغاصب ما أنْفَقَ من البَذْر، ومُؤْنَةِ لَوَاحِقِه من الحَرْث والسَّقْيِ ونحوِهما، وهذا هو المذْهَبُ.

قال ابنُ الزَّاغُونِيِّ: أصْلُهما: هل يَضْمَنُ وَلَدَ المغْرور بِمِثْلِه أوْ قِيمَتِه؟

وقال أبو الحُسَينِ: فِيهِ ثالثةٌ خرَّجها أخي (٣) أبو القاسِمِ: أنَّ صاحِبَ الأرض يُخَيَّرُ؛ إن شاء دَفَعَ القِيمةَ، وإنْ شاءَ النَّفقةَ، نَقَلَ مُهَنَّى: ويُزَكِّيهِ إنْ


(١) في (ظ): تجمع.
(٢) ينظر: الفروع ٧/ ٢٣٣.
(٣) قوله: (أخي) سقط من (ظ).