للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ملْكِ مالِكِ الأرض ابْتِداءً، وقرَّر بعضُ أصْحابِنا مُوافَقَتَه للقياس؛ بأنَّ المتولِّدَ بَينَ أبَوَينِ مملوكَينِ من الآدميين (١)؛ يكون مَمْلوكًا لِمالِكِ الأمِّ بالاتِّفاق (٢)، مع كَونِه مخلوقًا من مائهما، وبطونُ الأمهات بمنزلة الأرض، وماءُ الفُحول بمنزلة البَذْرِ.

والمذْهَبُ هو الأوَّلُ.

(وَإِنْ أَدْرَكَهَا رَبُّهَا وَالزَّرْعُ قَائِمٌ) فِيهَا؛ (خُيِّرَ بَيْنَ تَرْكِهِ إِلَى الْحَصَادِ بِأُجْرَتِهِ)؛ أي: بأُجْرةِ مِثْلِه وأرْشِ نَقْصِ الأرض، (وَبَيْنَ أَخْذِهِ بِعِوَضِهِ)، هذا قَولُ القاضِي، وعامَّةِ أصْحابِه، والشَّيخَينِ، وجَزَمَ به في «الوجيز»؛ لأِنَّ كلَّ واحِدٍ مِنْهُما يَحصُلُ به غَرَضُه، فَمَلَكَ الخِيَرةَ بَينَهُما؛ تَحْصِيلاً لِغَرَضِه.

وظاهِرُه: أنَّه لا يَمْلِكُ إجْبارَ الغاصِبِ على قَلْعِه، خِلافًا لأِكْثَرِهِمْ؛ لقَولِه : «لَيسَ لِعِرْقٍ ظالِمٍ حَقٌّ» (٣)، ولأِنَّه زَرَعَ في أرْضِ غَيرِه ظُلْمًا، أشْبَهَ الغرس.

لنا: ما رَوَى رافِعُ بنُ خَدِيجٍ: أنَّ النَّبيَّ قال: «مَنْ زَرَعَ في أرْضِ قَومٍ بغَيرِ إذْنِهم؛ فلَيسَ له من الزَّرْع شَيءٌ، وله نَفَقَتُه» رواه أحمدُ، وأبو داود (٤)، والتِّرْمذِيُّ وحسَّنَه (٥)، ولأِنَّه أمْكَنَ ردُّ المغْصوب إلى مالِكِه من غَيرِ إتْلافِ مالِ


(١) في (ح): الأميين.
(٢) ينظر: النتف في الفتاوى ٢/ ٨٥٣، المدونة ٢/ ١٣٥، البيان ٨/ ٥٤٩، الهداية لأبي الخطاب ص ٣٧٩.
(٣) تقدم تخريجه ٦/ ١١٦ حاشية (١).
(٤) قوله: (وأبو داود) سقط من (ح).
(٥) أخرجه أحمد (١٧٢٦٩)، وأبو داود (٣٤٠٣) والترمذي (١٣٦٦)، وابن ماجه (٢٤٦٦)، وفي سنده: شريك بن عبد الله النخعي وهو سيئ الحفظ، وتابعه قيس بن الربيع - وهو متكلم فيه والخلاصة أنه صدوق تغير في آخر عمره - وروايته عند البيهقي في الكبرى (١١٧٤٣)، وأعله الشافعي بأن عطاء لم يسمع من رافع، وكذا قال أبو زرعة، لكن قال أبو حاتم: (بل قد أدركه)، قال الترمذي: (حديث حسن غريب)، ونقل عن البخاري أنه قال عنه: (حديث حسن)، وذكر له الترمذي متابعة أخرى، وقال الخطابي: (هذا الحديث لا يثبت عند أهل المعرفة بالحديث)، ونقل تضعيفه عن البخاري وعن الحافظ موسى بن هارون الحمال، وصححه الألباني. ينظر: علل ابن أبي حاتم ٤/ ٢٨٦، المراسيل له ص ١٥٥، الكامل ٥/ ٢٩، معالم السنن ٣/ ٩٦، الكبرى للبيهقي ٦/ ٢٢٦، الإرواء ٥/ ٣٥١.