للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَعُلِم منه: أنَّ الحيوان إذا كان غَيرَ مُحتَرَمٍ؛ كالمرتَدِّ والخِنْزير ونحوِه؛ وَجَبَ ردُّه؛ لأِنَّه لا يَتَضَمَّنُ تَفْويتَ ذِي حُرْمَةٍ، أشْبَهَ ما لو خاطَ به ثَوبًا.

(إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْحَيَوَانُ مَأْكُولاً لِلْغَاصِبِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ، وَيَذْبَحُ الْحَيَوَانَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ):

أشْهَرُهما: أنَّه يَلزَمُه ردُّه؛ لأِنَّه يُمكِنُه ذَبْحُ الحَيَوان، والاِنْتِفاعُ بِلَحْمِه، وذلِكَ جائِزٌ، وإن حصل نَقْصٌ على الغاصب، فليس بمانِعٍ من وُجوبِ ردِّ المغْصوب (١)؛ كنَقْض (٢) البِناء.

والثَّانِي: لا يَجِبُ قَلْعُه؛ «لِنَهْيِه عن ذَبْح الحَيَوان لغَيرِ مَأْكَلةٍ» (٣)، ولأِنَّ له حرمةً في نَفْسِه.

وللمؤلِّف احْتِمالٌ: يُذبَح (٤) المعدُّ له؛ كبهيمةِ الأنعام، دُونَ غَيره كالخيل؛ لأِنَّه إتْلافٌ له، فَجَرَى مَجْرَى ما لا يُؤكَلُ.

وظاهِرُه: أنَّه لا يَلزَمُه الرَّدُّ إذا كان مأْكُولاً لِغَيرِ الغاصِبِ، صرَّح به في


(١) في (ق): الغصوب.
(٢) في (ظ): لنقض.
(٣) ذكره هكذا الخطابي في معالم السنن (٣/ ٣٣٣)، وابن قدامة في المغني (٥/ ٢١١)، ولم نقف عليه مسندًا، وذكره الزيلعي وقال: (غريب)، ثم ذكر أنه ورد موقوفًا عن أبي بكر الصديق في وصيته ليزيد بن أبي سفيان وفيها: «ولا تقطعن شجرًا مثمرًا، ولا تخربن عامرًا، ولا تعقرن شاة، ولا بعيرًا، إلا لمأكلة»، أخرجه مالك في الموطأ (٢/ ٤٤٧)، وابن أبي شيبة (٣٣١٢١)، والأقرب في هذا المعنى الحديث الذي أخرجه الدارمي (٢٠٢١)، والنسائي (٤٤٤٥)، عن عبد الله بن عمرو يرفعه قال: «من قتل عصفورًا فما فوقها بغير حقها، سأل الله ﷿ عنها يوم القيامة»، قيل: يا رسول الله، فما حقها؟ قال: «حقها أن تذبحها فتأكلها، ولا تقطع رأسها فيرمى بها»، وفي سنده: صهيب الحذاء وهو مقبول، وبوَّب عليه البغوي في شرح السنة (١١/ ٢٢٥) بقوله: (باب كراهية ذبح الحيوان لغير الأكل).
(٤) في (ق): بذبح.