للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنْ قُلْنا: ضمانُ الغَصْب ضَمانُ الجناية، أو لم تَنقُص (١) أكثرَ من قيمته؛ لم يَضمَنِ الغاصِبُ ههُنا شَيئًا.

وإن اختار تَضْمينَ الغاصب، وقُلْنا: إنَّ (٢) ضمانَ الغَصْب كضمان الجناية؛ ضَمَّنَه نصفَ القيمة، ورَجَعَ بها الغاصِبُ على الجاني؛ لأِنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بفِعْلِه.

(وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا فَخَصَاهُ)، أوْ قَطَعَ يَديْه أو ذَكَرَه، أوْ ما تَجِبُ فيه الدِّيةُ من الحرِّ؛ (لَزِمَهُ رَدُّهُ وَرَدُّ قِيمَتِهِ)، نَصَّ عَلَيهِ (٣)؛ لأِنَّ المتلَفَ (٤) البَعْضُ، فلا (٥) يَقِفُ ضمانُه على زوال الملْكِ، كقَطْعِ خُصْيَتَيْ ذَكَرِ المدبَّر، ولأِنَّ الخُصْيَتَينِ يَجِبُ فيهما كمالُ القيمةِ (٦)، كما يَجِب فيهما كمالُ الدِّية من الحرِّ.

(وَعَنْهُ: فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ مِنَ الْخَيْلِ، وَالْبِغَالِ، وَالْحَمِيرِ: رُبُعُ قِيمَتِهَا)، نَصَرَه القاضِي وأصحابُه؛ لِمَا رَوَى زيدُ بنُ ثابِتٍ: «أنَّ النَّبيَّ قَضَى في عَين الدَّابَّة بِرُبُعِ قِيمتِها» (٧)، وعن عُمَرَ: أنَّه كَتَبَ إلى شُرَيحٍ لَمَّا كَتَبَ يسألُه عن عَين الدَّابَّة: «إنَّا كنَّا ننزلها منزلةَ الآدَمِيِّ، إلاَّ أنَّه أجْمَعَ رأْيُنا أنَّ قيمتَها رُبُعُ الثَّمَن» (٨)،


(١) في (ق): لم ينقص.
(٢) في (ح): لن.
(٣) ينظر: الشرح الكبير ١٥/ ١٨٣.
(٤) في (ح): التلف.
(٥) في (ح): ولا.
(٦) في (ح) و (ظ): الدية.
(٧) أخرجه العقيلي في الضعفاء (١/ ٩٥)، والطبراني في الكبير (٤٨٧٨)، وقاسم بن أصبغ كما في المحلى (٦/ ٤٤٩)، قال ابن حجر: (وفي إسناده: أبو أمية بن يعلى وهو ضعيف). ينظر: نصب الراية ٤/ ٣٨٨، التلخيص الحبير ٣/ ١٣٤.
(٨) أخرجه عبد الرزاق (١٨٤١٨)، والبيهقي في الكبرى (١٦٣١٣)، عن شريح أن عمر: «كتب إليه في عين الدابة رُبع ثمنها»، قال الحافظ في الدراية ٢/ ٢٨٣: (فيه جابر الجعفي وهو متروك). وأخرجه سعيد بن منصور (١٩٦١)، وابن أبي شيبة (٢٧٣٩٩)، والبيهقي في الكبرى (١٦٣١٤)، عن إبراهيم النخعي، وإبراهيم لم يدرك عمر. وقد أخرجه وكيع في أخبار القضاة (١/ ٢٩٩)، من طريق مغيرة، عن إبراهيم، عن هاشم بن هبيرة به، ولم نقف على ترجمةٍ لهاشم، ولعله هشام بن هبيرة بن فضالة قاضي البصرة، قال ابن سعد: (معروف قليل الحديث)، فإن كان هو فالإسناد جيد. وروي عنه من طرق أخرى لا تخلو من ضعف، وقوَّى الحافظ أحد أسانيده كما في التلخيص ٣/ ١٣٤.