للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ نَقْصًا غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ؛ كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ وَعَفِنَتْ؛ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِ مِثْلِهَا)؛ أيْ: أخْذِ بَدَلِها، (وَبَيْنَ تَرْكِهَا حَتَّى يَسْتَقِرَّ فَسَادُهَا وَيَأْخُذَهَا وَأَرْشَ نَقْصِهَا)؛ كذا قالَهُ في «الهداية»، و «الوجيز».

وفي «المغْنِي»: أنَّ هذا القَولَ لا بأْسَ به؛ لأِنَّه لا يَجِبُ المِثْلُ؛ لِوجودِ عَينِ مالِه، ولا يَجِبُ أرْشُ العَيب؛ لعَدَمِ اسْتِقراره؛ لأنَّه لا يُمكِنُ معرفتُه ولا ضَبطُه، وحَيثُ كان كذلك بَقِيَتِ الخِيَرةُ إلَيهِ بَينَ أخْذِ البَدَل؛ لِمَا في التَّأخير من الضَّرَر، وبَينَ الصَّبر حتَّى يَسْتَقِرَّ الفسادُ؛ لأِنَّه إذا رَضِيَ بالتَّأخِيرِ سَقَطَ، فيأخُذُ العَينَ؛ لأِنَّها ملْكُه، ويأخُذُ أرْشَ النَّقص من الغاصِبِ؛ لأِنَّه حَصَلَ بجِنايته، أشْبَه تَلَفَ الجزءِ (١) المغصوب.

وقيل: يَجِبُ الأرْشُ مطلَقًا.

وقال القاضِي: عليه بَدَلُه؛ لأِنَّه لا يَعلَمُ قَدْرَ نَقْصِه.

ولم يرجِّح في «الفروع» شَيئًا.

فَرْعٌ: إذا اسْتَعْمَل عبدًا بغَيرِ إذْنِ سيِّده؛ فهو كغَصْبه.

وكلُّ مغصوبٍ زكَّاه مالِكُه حالَ غَصْبِه؛ رَجَعَ بما غَرِمَ على غاصبه (٢)، قال ابن حمْدانَ: إنْ ضَمِنَ منفعةَ المغْصُوبِ؛ ضَمِنَ، وإلاَّ فلا.

(وَإِنْ جَنَى الْمَغْصُوبُ؛ فَعَلَيْهِ)؛ أي: الغاصِبِ (أَرْشُ جِنَايَتِهِ)؛ لأِنَّه نَقْصٌ في العبد الجانِي، فكان عليه؛ كسائر نَقْصِه، (سَوَاءٌ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ)؛ لأِنَّها من جُملةِ جِناياتِه، فكان مضمونًا على الغاصب؛ كالجناية على الأجنبيِّ، وقيل: لا يَضمَنُ جنايتَه على سيِّده لتعلُّقها برَقَبَته، (أَوْ غَيْرِهِ)، وسواءٌ في ذلك ما يُوجِب القِصاصَ أو المالَ، ولا يَلزَمُه أكثرُ من النَّقْص الَّذي لَحِقَ العَبْدَ.


(١) في (ح) و (ظ): الحر.
(٢) في (ق): صاحبه.