للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الغرور (١)؛ كالأجنبيِّ وأَوْلَى.

وظاهِرُه: أنَّه إذا عَلِم؛ فإنَّه يَبرَأُ الغاصِبُ؛ لأِنَّه أتْلَفَ مالَه برضاه عالِمًا به، فلو وَهَبَه المغصوب لمالكه، أو أهْداه إليه؛ لم يَبْرَأْ.

وعنه: بلى، جَزَمَ به بعضُهم، وصحَّحه في «الشَّرح»؛ لأِنَّه سلَّمه إليه تسليمًا (٢) تامًّا، زالَتْ به يَدُ الغاصِبِ.

(وَإِنْ رَهَنَهُ عِنْدَ مَالِكِهِ، أَوْ أَوْدَعَهُ إِيَّاهُ، أَوْ أَجَرَهُ أَوِ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى قِصَارَتِهِ، أَوْ خِيَاطَتِهِ؛ لَمْ يَبْرَأْ) من الضَّمان؛ لأِنَّه لم يَعُدْ إليه سُلْطانُه، إنَّما قَبَضَه على أنَّه أمانةٌ، (إِلاَّ أَنْ يَعْلَمَ)؛ لأِنَّه يَتَمَكَّنُ من التَّصرُّف فيه على حَسَبِ اخْتِياره.

وقال جماعةٌ من أصْحابِنا: يَبْرَأُ مُطْلَقًا؛ لِعَودِه إلى مالِكِه.

(وَإِنْ أَعَارَهُ إِيَّاهُ؛ بَرِئَ، عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ)؛ لأِنَّه دَخَلَ على أنَّه مضمونٌ عليه، ولا (٣) يتأتَّى وجوبُ الضَّمان على الغاصب؛ لِعَدَمِ الفائدة في الرُّجوع، فلو باعه إيَّاه وسلَّمه إليه، أو أقْرَضَه؛ بَرِئَ، جَزَمَ به في «الشَّرح»؛ لأِنَّه قَبَضَه على وَجْهٍ يُوجِبُ (٤) الضَّمانَ، والأَشْهَرُ خِلافُه.

فَرْعٌ: ظاهِرُ كلامهم: أنَّ غَيرَ الطَّعام كهو في ذلك، قال في «الفروع»: ولا فَرْقَ، فلو زوَّجه الأمةَ؛ بَرِئَ من الغَصْب. وقِيلَ: إنْ عَلِمَ ربُّه، وإلاَّ فلا.

(وَمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ، فَادَّعَى رَجُلٌ أنَّ الْبَائِعَ غَصَبَهُ مِنْهُ؛ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا)؛ أي: البائعُ أو المشْتَرِي؛ (لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الآْخَرِ)؛ لأِنَّه لا يُقبَلُ إقْرارُه في حقِّ غَيرِه، لكِنْ إنْ أقامَ المدَّعِي بَيِّنةً بما ادَّعاه؛ بَطَل البَيعُ والعِتْقُ، ويَرجِعُ المشْتَرِي على البائع بالثَّمَن.


(١) في (ح): المغرور.
(٢) في (ق): تسلمًا.
(٣) في (ظ): فلا.
(٤) في (ق): فوجب.