للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ: إذا قُدِّمَ مَنْ لا يَراها لجارٍ (١) إلى حاكِمٍ، فأنْكَر؛ لم يَحلِفْ، وإنْ أخْرَجه؛ خَرَجَ، نَصَّ عليه، وقال: لا يُعْجِبنِي الحَلِفُ على أمْر اخْتُلِف فِيهِ (٢)، قال القاضِي: لأِنَّ يَمِينَه هُنَا على القَطْعِ والبَتِّ، ومسائلُ الاِجْتِهادِ ظَنِّيَّةٌ، فلا يُقْطَع بِبُطْلان مَذْهَبِ المخالِفِ، وحَمَلَه في «المغْنِي» و «الشَّرح» على الوَرَعِ.

وإنْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ لِشافِعِيٍّ بها؛ فله الأَخْذُ عِنْدَ ابنِ عَقِيلٍ، ومَنَعَه القاضِي.

(وَلَا شُفْعَةَ فِيمَا لَا تَجِبُ قِسْمَتُهُ؛ كَالْحَمَّامِ الصَّغِيرِ، وَالْبِئْرِ، وَالطُّرُقِ، وَالْعِرَاصِ الضَّيِّقَةِ) في ظاهِرِ المذْهَب؛ لقَولِه : «لا شُفْعةَ في فِناءٍ، ولا طَريقٍ، ولا مَنْقَبَةٍ» رواه أبو عُبَيدٍ في «الغَريب» (٣)، المنْقَبَة: الطَّريقُ الضَّيِّقُ بَينَ دارَينِ لا يُمكِنُ أنْ يَسْلُكَهُ أحدٌ.

والثَّانيةُ: بَلَى؛ لِمَا رَوَى ابنُ عبَّاسٍ مَرْفوعًا: «الشَّرِيكُ شَفِيعٌ، والشُّفْعةُ فِي كلِّ شَيءٍ» رواهُ التِّرمذيُّ والنَّسائيُّ متَّصِلاً ومُرسَلاً، وهو أصحُّ، قالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، والَّذي وَصَلَه أبو حمزةَ السُّكَّرِيُّ، وهو مُخرَّجٌ عنه في «الصَّحيحَينِ» (٤)، ولأنَّها وُضِعَتْ لِإزالة الضَّرَر، وَوُجودُه فِيما لا يُقسَمُ أبْلَغُ


(١) في (ح): جار.
(٢) ينظر: الفروع ٧/ ٢٧١.
(٣) ذكره أبو عبيد في الغريب (٣/ ١٢١)، وابن الجوزي في التحقيق (٢/ ٢١٧)، بدون إسناد، وأخرج عبد الرزاق (١٤٤٢٧)، عن محمد بن أبي بكر، أن النبي قال: «لا شفعة في ماء، ولا طريق، ولا فحل»، يعني النخل. وأعله ابن عبد الهادي بالانقطاع. وروي عن عثمان موقوفًا بلفظ: «لا شفعة في بئر، ولا فحل، والأرف يقطع كل شفعة»، أخرجه ابن أبي شيبة (٢٢٠٧١)، وروي مرفوعًا، والموقوف أصح قاله الدارقطني. ينظر: العلل ٣/ ١٤، تنقيح التحقيق ٤/ ١٧٨.
(٤) أخرجه الترمذي (١٣٧١)، والنسائي في الكبرى (٦٢٥٩)، والطبراني في الكبير (١١٢٤٤)، والدارقطني (٤٥٢٥)، من حديث ابن عباس مرفوعًا، وفيه أبو حمزة محمد بن ميمون المروزي، ثقة مخرَّج له في الصحيحين، لكنه تفرد بوصل الحديث، ورجح الترمذي والدارقطني وابن عبد البر إرساله، وقال ابن عدي: (وقوله: «الشفعة في كل شيء» منكر). ينظر: الكامل ٧/ ٢٤٩، التمهيد ٧/ ٨٧، الضعيفة (١٠٠٩).