للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النَّبيَّ قال: «الجارُ أحقُّ بِصَقَبِه» رواهُ النَّسائِيُّ (١)، ولأِنَّه اتِّصالُ ملْكٍ يَدومُ ويَتَأبَّدُ، فتَثْبُت (٢) فيه كالشَّركة.

والأوَّلُ أَوْلَى؛ لأِنَّ حَديثَ أبِي رافِعٍ لَيسَ بصَريحٍ فيها، فإنَّ «الصقب» (٣): القُرْبُ، فيَحْتَمِل أنَّه أحقُّ بإحسانِ جارِهِ وصِلَته، مع أنَّ خَبَرَنا صريحٌ، فيُقدَّم على غَيرِه، وأحادِيثُهم فيها مقالٌ، ويَحتَمِلُ أنَّه أراد بالجار الشَّريك، كما تسمَّى (٤) الضَّرَّتانِ: جارَتَينِ؛ لاِشْتِراكهما في الزَّوج، ولأِنَّ الشُّفْعةَ ثَبَتَتْ في مَوضِعِ الوِفاق على خلاف الأصل؛ لِمَعْنًى معدومٍ في مَحَلِّ النِّزاع، فلا تَثْبُتُ (٥) فيه.

فعلى هذا: لا فَرْقَ بَينَ كَونِ الطَّريق مُفْرَدَةً أوْ مُشْتَرَكةً، وسأله أبو طالِبٍ: الشُّفْعةُ لِمَنْ هِيَ؟ قال: (إذا كان طريقُهما واحدًا شركًا (٦) لم يَقْتَسِمُوا، فإذا صُرِفَت الطُّرُق، وعُرِفَت الحدودُ فلا شُفْعةَ) (٧).

وإنْ بِيعَتْ دارٌ لها طريقٌ في دَرْبٍ لا يَنفُذُ؛ فَوجْهانِ، والأَشْهَرُ: يَجِبُ (٨) إنْ كان للمشْتَرِي طريقٌ غيرُه، أو أمْكَنَ فَتْحُ بابه إلى شارِعٍ، وإنْ كان نَصيبُ مُشْتَرٍ فَوقَ حاجته؛ ففي زائِدٍ وجْهانِ، وكذا دِهْلِيزُ جارِه وصَحْنُه.


(١) أخرجه البخاري (٢٢٥٨)، والنسائي (٤٧٠٢)، ولفظ البخاري: «الجار أحق بِسَقَبه»، قال في الفتح ٤/ ٤٣٧: (السقب: بالسين المهملة وبالصاد أيضًا، ويجوز فتح القاف وإسكانها).
(٢) في (ق): فيثبت.
(٣) قوله: (فإن الصقب) في (ح): فالصقب.
(٤) في (ظ): يسمى.
(٥) في (ظ): فلا يثبت.
(٦) في (ح): شركاء.
(٧) ينظر: مسائل ابن هانئ ٢/ ٢٦، الفروع ٧/ ٢٧٠.
(٨) في (ق): تجب.