للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ مَاتَ الشَّفِيعُ؛ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ)، نَصَّ عَلَيهِ (١)؛ لأِنَّه نَوعُ خِيارٍ للتَّمْليك، أشْبَهَ خِيارَ القَبول، ولأِنَّا لا نَعلَم بقاءَه على الشُّفْعة؛ لاِحْتِمالِ رَغْبته عنها، ولا يَنتَقِلُ إلى الوَرَثَةِ ما يُشَكُّ (٢) في ثُبوته.

وخرَّج (٣) أبو الخطَّاب: أنَّها لا تَبطُل، وتُورَثُ عنه؛ بِناءً على رِوايةِ إرْثِ الأجَلِ.

وأُجِيبَ: بأنَّه حقُّ فَسْخٍ ثَبَتَ لا لِفَوات جُزْءٍ، فلم يُورَثْ؛ كالرجوع في الهِبَة.

(إِلاَّ أَنْ يَمُوتَ بَعْدَ طَلَبِهَا، فَتَكُونُ لِوَارِثِهِ)، نَصَّ عليه (٤)، وهو المذْهَبُ، وحَكاهُ أبو الخَطَّاب قَولاً واحدًا؛ لأِنَّ الحقَّ قد تقرَّر بالطَّلَب، ولذلك (٥) لا تَسقُطُ بتأخير الأخْذ بَعْدَه.

أمَّا على قَول القاضي؛ فَلأِنَّ الشِّقْصَ صار ملْكًا له بالمطالَبَة، وفيه نَظَرٌ؛ لأِنَّه لو كان كذلك؛ لَمَا صحَّ العَفْوُ عنها بَعْدَ طَلَبِها، كما لا يَصِحُّ العَفْوُ عنها بَعْدَ الأخْذِ بها.

وأمَّا على رأْيِ ابنِ عَقِيلٍ والمؤلِّف؛ فَلأِنَّه قد عُلِمَ بمطالَبَتِه بقاؤه على شُفْعَته، وهو ظاهِرٌ.

وقال في روايةِ أبي طالِبٍ: الشُّفْعةُ لا تُورَثُ (٦)، لَعَلَّه لم يَكُنْ يطلبها (٧)، فَجَعَلَ العِلَّةَ في إبطالها بالموت عَدَمَ العِلْم برَغْبة الميت.


(١) ينظر: مسائل ابن منصور ٦/ ٢٧٢٥.
(٢) في (ق): شك.
(٣) في (ح): وصرح.
(٤) ينظر: مسائل أبي داود ص ٢٧٦.
(٥) في (ق): وكذلك.
(٦) ينظر: شرح الزركشي ٤/ ٢٠٥.
(٧) في (ح): طلبها.