للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تعالى (١) أَمَرَ بأدائها، ولا يُمْكِنُ ذلك إلاَّ بالحِفْظ، وفي «الرِّعاية»: مَنِ اسْتُودِعَ شَيئًا؛ حَفِظَه في حِرْزِ مِثْلِه عاجِلاً مع القُدْرةِ، وإلاَّ ضمِنَ.

وظاهِرُه: أنَّه إذا لم يَحفَظْها في حِرْزِ مِثْلِها؛ أنَّه يَضمَنُ؛ لأِنَّه مُفرِّطٌ.

وإنْ وَضَعَها في حِرْزٍ، ثُمَّ نَقَلَها عنه إلى حِرْزِ مِثْلِها؛ لم يَضْمَنْها؛ لأِنَّ صاحِبَها رَدَّ حِفْظَها إلى اجْتِهاده.

فلَوْ كانَت العَينُ في بَيتِ مالِكِها، فقال لآخر (٢): احْفَظْها في مَوضِعِها، فَنَقَلَها عنه لغَيرِ خَوفٍ؛ ضَمِنَ؛ لأِنَّه لَيسَ بِمُودَعٍ، وإنَّما هو وَكِيلٌ في حِفْظها في مَوضِعِها.

(وَإِنْ (٣) عَيَّنَ صَاحِبُهَا حِرْزًا، فَجَعَلَهَا فِي دُونِهِ؛ ضَمِنَ)، سَواءٌ ردَّها إليه أوْ لَا؛ لأِنَّه خالَفَه في حِفْظِ مالِه، ومُقْتَضاهُ: أنَّه إذا حَفِظَها فِيمَا عَيَّنَه، ولم يَخْشَ عَلَيها؛ فلا ضَمانَ عَلَيهِ بغَيرِ خِلافٍ (٤)؛ لأِنَّه مُمْتَثِلٌ غَيرُ مُفَرِّطٍ.

(وَإِنْ أَحْرَزَهَا بِمِثْلِهِ أَوْ فَوْقَهُ) بلا حاجةٍ؛ كلُبْسِ خاتمٍ في خِنْصِرٍ، فَلَبِسَه في بِنصِرٍ، لا عَكْسِه؛ (لَمْ يَضْمَنْ) على المذْهَب؛ لأِنَّ تَقْيِيدَه بهذا الحِرْزِ يَقْتَضِي ما هو مِثْلُه، كَمَنِ اكْتَرَى لزَرْعِ حِنْطَةٍ، فلَهُ زَرْعُها وزَرْعُ مِثْلِها في الضَّرر فَمَا فَوقَه مِنْ بابِ أَوْلَى.

(وَقِيلَ: يَضْمَنُ)، وهو ظاهِرُ الخِرَقِيِّ، وحَكاهُ في «التَّبْصِرةِ» رِوايةً (٥)، قال في رِوايةِ حَرْبٍ: إذا خالَفَ في الوَدِيعَة فهو ضامِنٌ (٦)؛ لأِنَّه خالَفَ أمْرَ صاحِبِها مِنْ غَيرِ حاجةٍ، أشْبَهَ ما لَوْ نَهاهُ.


(١) في (ق): يقال.
(٢) في (ظ): الآخر.
(٣) في (ح): فإن.
(٤) ينظر: المغني ٦/ ٤٤١
(٥) قوله: (رواية) ضرب عليه في (ق).
(٦) ينظر: مسائل صالح ١/ ٤٤٨، مسائل عبد الله ص ٢٩٤، مسائل ابن منصور ٦/ ٢٥٩٢.