للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(أَوْ خَلَطَهَا بِمَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْهُ)؛ كزَيتٍ بِزَيتٍ، ودَراهِمَ بدراهِمَ؛ (ضَمِنَهَا)؛ لأِنَّه صَيَّرَها في حُكْمِ التَّالِف، وفَوَّتَ على نَفْسه رَدَّها، أشْبَه ما لو ألْقاها في لُجَّةِ بَحْرٍ.

وسَواءٌ خَلَطَها بمالِه أو مالِ غَيرِه، بمِثْلِها أوْ دُونِها أوْ أَجْودَ.

ونَقَلَ عبدُ الله بن محمَّدٍ البَغَوِيُّ عن أحمدَ: في رجلٍ أعْطَى آخَرَ دِرْهَمًا يَشْتَرِي له به شَيئًا، فَخَلَطَه مع دراهمه، فَضَاعَا، قال: لَيسَ عَلَيهِ شَيءٌ (١)، ذَكَرَه القاضي، ولم يَتأوَّلْه في «النوادر»، وذَكَرَه الحُلْوانِيُّ ظاهِرَ كلامِ الخِرَقِيِّ، وجَزَمَ به في «المنثور» عن أحمدَ، قال: لأِنَّه خَلَطَه بمالِه، فإن لم يَدْرِ أيُّهما ضَاعَ ضَمِنَ، نَقَلَه البَغَوِيُّ (٢).

وفي «الرِّعاية»: إذا خَلَطَ إحْدَى وَدِيعَتَيْ زَيدٍ بالأُخْرى بلا إذْنٍ وتعذَّر التَّمْييزُ؛ فَوَجْهانِ.

فَرْعٌ: إذا نَوَى التَّعَدِّيَ فيها ولم يَتَعَدَّ؛ لم يَضْمَنْ. وحَكَى القاضِي قَولاً: بلى، كملتقط في وَجْهٍ.

(وَإِنْ خَلَطَهَا بِمُتَمَيِّزٍ)؛ كدَراهِمَ بدَنانِيرَ؛ لم يَضمَنْ على الأصحِّ، وحكاهُ في «الشَّرح» بغَير خِلافٍ نَعْلَمُه؛ لأِنَّه لا يَعجِزُ بذلك عن رَدِّها، أشْبَهَ ما لو تَرَكَها في صُندُوقٍ فيه أكْياسٌ له.

والثَّانيةُ: يَضمَنُ؛ للتَّصرُّف فيها.

وكذا الخلاف إنْ خَلَطَ بِيضًا بِسُودٍ، وصِحاحًا بمُكَسَّرةٍ.

والثَّالثَةُ: يَضْمَنُ إنْ خَلَطَ بِيضًا بِسُودٍ، وحَمَلَه في «المغْنِي» و «الشَّرح»: على أنَّها تَكْتَسِبُ منها سَوادًا، ويَتَغيَّرُ لَونُها.

(أَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ لِيَسْقِيَهَا)، أوْ لِيَعْلِفَها؛ (لَمْ يَضْمَنْ)؛ لأِنَّه مأْذُونٌ فيه شَرْعًا


(١) ينظر: مسائل البغوي ص ٣٩.
(٢) ينظر: مسائل البغوي ص ٣٩.