للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يَموتُ في سَفَره فلا تَصِلُ إلى صاحِبِها، ورُبَّما نَسِيَ مَوضِعَها، أوْ أصابَها آفةٌ، وكذا إنْ أعْلَمَ بها غَيرَ ثِقَةٍ؛ لأِنَّه ربَّما أَخَذَها، ولم يُصرِّحْ به المؤلِّفُ اكْتِفاءً بمَفْهوم الأوَّلِ.

(أَوْ أَعْلَمَ بِهَا مَنْ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ)؛ أي: من لا يَدَ (١) لَهُ على المكان؛ (ضَمِنَهَا)؛ لأِنَّه لم يُودِعْها إيَّاهُ، ولا يَقْدِرُ على الاِحْتِفاظ بها.

(وَإِنْ تَعَدَّى فِيهَا، فَرَكِبَ الدَّابَّةَ لِغَيْرِ نَفْعِهَا، وَلَبِسَ الثَّوْبَ، وَأَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ لِيُنْفِقَهَا ثُمَّ رَدَّهَا) بِنِيَّةِ الأمانة؛ ضَمِنَها؛ لِتَصرُّفه في مالِ غَيرِه بغَيرِ إذْنه.

وفِيهِ وَجْهٌ؛ لأِنَّه مُمْسِكٌ لها بإذْن مالِكِها، أشْبَهَ ما قَبْلَ التَّعَدِّي.

وجَوابُه: أنَّه ضَمِنَها بعُدوانٍ، فبَطَل الاِسْتِئْمانُ؛ كما لو جَحَدَها ثُمَّ أقرَّ بها.

ويُخرَّج منه ما إذا اسْتَعْمَلَها لِنَفْعها؛ كلُبْسِ صُوفٍ ونحوِه؛ خَوفًا مِنْ عُثٍّ (٢) ونحوِه.

(أَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا)؛ لأِنَّه بجحدها (٣) خَرَجَ عن (٤) الاِسْتِئْمانِ عنها، فلم يَزُلْ عنه الضَّمانُ بالإقرار بها؛ لأِنَّ يَدَه صارت يَدَ عُدْوانٍ.

(أَوْ كَسَرَ خَتْمَ كِيسِهَا)، أوْ كانَتْ مشدودةً فأزال الشَّدَّ، أوْ مَقْفولةً فأزاله، وسَواءٌ أخرج منها شَيئًا أوْ لَا؛ لهتكه الحِرْزَ بفِعْلٍ تَعَدَّى فيه.

وفيه روايةٌ: لا يَضمَنُ.

فإنْ خَرَقَ الكِيسَ فَوقَ الشَّدِّ؛ فَعَلَيهِ ضَمانُ ما خَرَقَ فقطْ؛ لأِنَّه لم يَهْتِك الحِرْزَ.


(١) في (ق): لا بد.
(٢) قال في تاج العروس ٥/ ٢٩٧: (العثة: بالضم: سوسة، أو الأرضة التي تلحس الصوف).
(٣) في (ح): بجحد ما.
(٤) في (ح): بمن.