للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لأِنَّ في السَّفَر بها غَرَرًا؛ لأِنَّه بِعَرَضِيَّةِ النَّهْبِ وغَيرِه؛ إذِ الحاكِمُ يَقومُ مَقامَ صاحِبِها عِنْدَ غَيبته، وفي لُزومه قَبولُها؛ وجْهانِ.

وظاهِرُه: أنَّه إذا أوْدَعَها مع قُدْرته على الحاكم؛ أنَّه يَضمَنُها؛ لأِنَّه لا وِلايَةَ له.

وقيل: لا يضمَنُ إذا أوْدَعَها ثِقَةً، وذكره (١) الحُلْوانِيُّ رِوايةً؛ لأِنَّه قد يكون أحْفَظَ لها وأحبَّ إلى مالكها، وكتعذُّرِ حاكِمٍ في الأصحِّ.

(فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ)؛ أيْ: لم يَقْدِرْ على الحاكم؛ (أَوْدَعَهَا ثِقَةً)؛ «لِفِعْله لَمَّا أراد أنْ يُهاجِرَ، أَوْدَعَ الودائعَ التي كانَتْ عِندَه لِأُمِّ أيْمَنَ » (٢)، ولأِنَّه مَوضِعُ حاجةٍ.

وأطْلَقَ أحمدُ الإيداعَ عِنْدَ غَيرِه لِخَوفه عليها، وحَمَلَها القاضي على المقيم لا المسافِر.

فَرْعٌ: حُكْمُ مَنْ حَضَرَه الموتُ؛ حُكْمُ مَنْ أراد سَفَرًا في دَفْعِها إلى حاكِمٍ أوْ ثِقَةٍ.

(أَوْ دَفَنَهَا وَأَعْلَمَ بِهَا ثِقَةً يَسْكُنُ تِلْكَ الدَّارَ)؛ لأِنَّ الحِفْظَ يحصل (٣) به.

(فَإِنْ دَفَنَهَا وَلَمْ يُعْلِمْ بِهَا أَحَدًا)؛ ضَمِن؛ لأِنَّه فَرَّط في الحِفْظ، فإنَّه قد


(١) في (ظ): وذكر.
(٢) أما رد الودائع قبل الهجرة: فورد عند البيهقي في الكبرى (١٢٦٩٧)، عن رجال من أصحاب رسول الله ، في ذكر خروجه، وفيه: «فخرج رسول الله وأقام علي بن أبي طالب ثلاث ليال وأيامها؛ حتى أدى عن رسول الله الودائع التي كانت عنده للناس»، قال ابن حجر في التلخيص: (إسناده قوي)، وحسنه الألباني دون ذكر أم أيمن، وأما ذكر أم أيمن فلا يعرف، ولم نقف عليه في رواية، قال ابن الملقن: (وأما كونه سلَّمها إلى أم أيمن فلا يحضرني ذلك بعد البحث عنه). ينظر: البدر المنير ٧/ ٣٠٥، التلخيص الحبير ٣/ ٢١٤، الإرواء ٥/ ٣٨٤.
(٣) في (ح): حصل.