للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يَتَكَرَّرُ؛ فَهُوَ إِحْيَاءٌ)؛ لأِنَّ العُرفَ جارٍ بذلك، لكنْ إنْ كانت الأرضُ كثيرةَ الدَّغَل والحشيش الَّتي لا يُمكِنُ زَرْعُها إلاَّ بتَكْرار حَرْثِها، وتَنْقِيَةِ دَغَلها وحَشِيشِها المانِعِ مِنْ زَرْعها؛ كان إحياءً.

تنبيه: حريمُ شجرٍ قَدْرُ مَدِّ أغْصانها، فإنْ غَرَسَها في مَواتٍ؛ فهي له وحريمُها، وإنْ سَبَقَ إلى شجرٍ مباحٍ؛ كزَيتونٍ وخَرُّوبٍ (١)، فسقاه وأصْلَحَه؛ فهو له؛ كالمتحجِّر الشَّارِعِ، فإنْ رَكَّبَه مَلَكَه بذلك وحريمه، وحريمُ دارٍ من مَواتٍ؛ حولها مُطَّرَحُ ترابٍ، وكُناسةٍ، وثَلْجٍ، وماءِ ميزاب.

ولا حريمَ لدارٍ محفوفةٍ بملْكٍ، ويتصرَّف كلٌّ منهم بحَسَبِ العادة.

(وَمَنْ تَحَجَّرَ مَوَاتًا)، تَحَجُّرُ المَوات: الشُّروعُ في إحيائه من غَيرِ أنْ يُتِمَّه، مِثْلَ أنْ يُحيطَ حَولَ الأرض ترابًا، أوْ بجدارٍ صَغِيرٍ، أو يَحفِر بِئْرًا ولم يَصِلْ ماءها، نَقَلَه حَرْبٌ (٢)؛ (لَمْ يَمْلِكْهُ)؛ لأِنَّ الملْكَ بالإحْياء، ولم يُوجَدْ، (وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) من سائِرِ النَّاس؛ لقوله: «مَنْ سَبَقَ إِلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ؛ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» (٣).

(وَوَارِثُهُ مِنْ (٤) بَعْدِهِ)؛ لقَوله: «مَنْ تَرَك حَقًّا فلِوَرَثَتِه» (٥)، (وَمَنْ يَنْقُلُهُ إِلَيْهِ)؛ أيْ: إذا نَقَلَه إلى غَيرِه بالهِبة صار الثَّانِي أحقَّ به؛ لأِنَّ صاحبَه أقامَهُ مُقامَ نفْسِه، (وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ)؛ لأِنَّه لم يَملِكْه، فلم يَمْلِك بَيعَه؛ كحَقِّ الشُّفْعة قبل الأخْذ، وكَمَن سَبَق إلى مُباحٍ قَبْلَ أخْذِه.


(١) الخروب: بالتشديد، بوزن التنور، شجر ينبت بالشام، يسميه أهل العراق: القثاء الشامي، وهو يابس أسود. ينظر: العين ٤/ ٣٣٧، مختار الصحاح ص ٨٩.
(٢) ينظر: الأحكام السلطانية ص ٢١٧.
(٣) سبق تخريجه ٦/ ٣٢٤ حاشية (٦).
(٤) قوله: (من) سقط من (ح).
(٥) أخرجه البخاري (٢٢٩٨)، ومسلم (١٦١٩)، من حديث أبي هريرة ، ولفظه: «من ترك مالاً فلورثته».