للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَقِيلَ: إِحْيَاءُ الْأَرْضِ: مَا عُدَّ إِحْيَاءً)، وحكاه القاضي روايةً؛ لأِنَّ الشَّارِعَ أطْلَقَ الإحْياءَ ولم يُبَيِّنْ صِفتَه، فوجب أن (١) يُرجَعَ فيه إلى العُرْف؛ كالقَبْض والحِرْز، (وَهُوَ عِمَارَتُهَا بِمَا تُهَيَّأُ بِهِ (٢) لِمَا يُرَادُ مِنْهَا مِنْ زَرْعٍ أَوْ بِنَاءٍ)، هذا بَيانٌ لِمَا يُعَدُّ إحْياءً في العُرْف، فإنَّ الأرضَ تُحْيَا دارًا للسُّكْنَى، وحَظِيرَةً، ومزرعةً، فإحْياءُ كلٍّ منها بما يُناسِبُه.

فإنْ كانَتْ للسُّكْنَى؛ فإحْياؤها بِبِناءِ (٣) حِيطانها، وتَسْقيف بعْضها بما يَلِيقُ به، وعنه: وقَسْمِ بيوته، وغلق (٤) أبوابه، وفي «المغْنِي» و «الشَّرح»: لا يُعْتَبَر نَصْبُ أبوابٍ على البيوت.

وإنْ كانَتْ حَظِيرةً؛ فبِناءُ حائِطٍ جَرتِ العادةُ به.

وإنْ كانَتْ للزَّرْع؛ فبِأنْ يَسوقَ إليها ماءً إنْ كانَتْ تُسقَى، ويَقلَع ما بِها (٥) من الأحْجار إن احْتاجَتْ إلى ذلك، ويَقلَع ما بِها (٦) من الأشْجار كأرْض الشِّعْرى (٧)، ويُزيلَ عُروقَها المانِعةَ من الزَّرع، أو يَحبِسَ الماءَ عنها؛ كأرْضِ البطائح؛ لأِنَّ بذلك يتمكَّنُ من الانتفاع بها.

ولا يُعتَبَر أنْ يَزْرعها ويَسقِيَها، ولا أن يَحرُثَها في الأصحِّ.

وجَمَع بَينَهما في «المحرَّر»، فقال: أنْ يُحوِّطَها بحائِطٍ، أوْ يعمِّرها العِمارةَ العُرْفِيَّةَ.

(وَقِيلَ: مَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ؛ كَالسَّقْيِ وَالْحَرْثِ، فَلَيْسَ بِإِحْيَاءٍ، وَمَا لَا


(١) في (ح): إلى.
(٢) قوله: (بما تُهيَّأ به) سقط من (ظ) و (ق).
(٣) في (ق): بناء.
(٤) في (ح): وعلو.
(٥) قوله: (ما بها) في (ق): ماءها.
(٦) قوله: (ويقلع ما بها) في (ق): ويقطع ماءها.
(٧) الشعرى: جبل عند حرة بني سليم. ينظر: تاج العروس ١٢/ ١٩٥.